"لن أنسى من كنتِ، لأنكِ كنتِ البداية"
في يومٍ من الأيام، وقفتُ أراقب فراشة تحطّ برفق على إصبعي، وكأنها تحمل قصة تشبه حكايتي. همست لي بنعومة:
«هل تذكرين؟ كنتِ يوماً مثلِي بالضبط.»
أغلقت عينيّ، وعاودني الماضي. نعم، كنتُ شرنقةً مغلقة، محاطة بالخوف والصمت. داخل تلك القشرة، كانت تنمو أسئلة عميقة لا جواب لها، وأحلام الطيران التي لم أجرؤ أن أؤمن بوجود أجنحة لها.
كنتُ أخاف من ضوء الحياة، وأرتعب من أنظار الآخرين. كنت أتظاهر بالقوة، بينما في داخلي صرخة مكتومة تقول:
«لا أعرف كيف أعيش.»
كانت خطواتي بطيئة، ورؤيتي محمولة إلى الأرض، أشعر وكأنني لا أستحق أن يُنظر لي. أحملت على كتفيّ أوزاراً لا تنتهي، وحاربت الحياة التي لم أستطع أن أفهمها.
لكن شيئًا بداخلي بدأ يتغير... ببطءٍ وألم.
كنتُ أنهار وأنهض، أتعثّر وأتمسك بروحي لأقف مجددًا.
كنتُ أتغير، دون أن أدرك متى بدأت الرحلة.
وجاء ذلك اليوم، حين التقيت بنفسي القديمة، وابتسمت لها.
ليس لأنني نسيت ما عانيته، بل لأنني سامحتها.
سامحت الطفلة التي ارتعبت، والفتاة التي صمتت، والمرأة التي ظنت أنها لا تستحق.
أحبكِ لأنك كنتِ بداية الطريق.
أحبكِ لصبرك رغم كل الغموض والخوف.
كنتِ الشرنقة التي احتضنتني، واليوم أنا الفراشة التي تطير.
أنا الآن أرفرف، وأحيانًا أرتجف، وأحيانًا أضعف، لكنني لا أعود إلى عتمة الشرنقة.
فقد أدركت أن ما ظننته ظلمة كان مهدًا للحياة،
وأن ما ظننته نهايةً كان بدايةً جديدة.
الفراشة التي حلمت بها يوماً، هي الآن أنا.
بفضل تلك الصغيرة المرتبكة التي لم تتوقف عن الحلم، صرتُ من أنا اليوم.
"إلى كل من تشعر أنها ما زالت في الشرنقة، هذه الكلمات لكِ🦋..."
بورغيدة كوثر /الجزائر
ابدعتي
ردحذف