التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حوار صحفي مع الكاتبة والمترجمة ملاك فرجيوي

حين تترجم الروح وتكتب القلب
في هذا الحوار، نقترب من عالمٍ يتقاطع فيه شغف الترجمة مع حرارة الكتابة، عالم صنعته ملاك فرجيوي بوعيٍ وتجربة وجرأة. صوتٌ بدأ رحلته مصادفة مع الترجمة، ثم اختار الكتابة كمساحة حياة لا يُستغنى عنها. هنا، تفتح ملاك أبواب تجربتها وتتحدث عن بداياتها، شغفها، رؤيتها للنص، وعلاقتها بالكتابة كنافذةٍ لا تهدأ، وعن الترجمة كجسرٍ يعبر به القارئ إلى ثقافات أخرى. حوار يضيء مسارها ويكشف ملامح قلم يتشكل بثقة وصدق
1. بدايةً، كيف تصفين العلاقة الأولى التي ربطتك بعالم الترجمة والكتابة؟
أستطيع أن أقول إن الترجمة هي من سحبتني لطريقها بفعل القدر؛ لم يكن في مخططي يومًا أن أصبح مترجمة، لكن ما إن غصت في أعماقها ولامست تفاصيلها حتى تحوّلت إلى شغف كبير أمارسه بحب. أما الكتابة، فأنا من اقترب منها خطوة خطوة، طوّرت نفسي فيها حتى أصبحت متنفسي الأول والأخير.

2. رواية الليالي البيضاء ليست عملًا عاديًا، ما الذي جذبك إليها لتكون أولى تجاربك في الترجمة؟
دوستويفسكي كاتب عظيم قريب من قلبي، ورواية الليالي البيضاء كانت من مختاراتي في المطالعة. ثم جاءت المفاجأة الجميلة حين اختارتها لي دار إبداع بوك كأول تجربة ترجمية. كانت أجمل صدفة وأجمل رواية أترجمها حتى الآن، وتلتها دراسة باللون القرمزي لآرثر كونان دويل.

3. هل تعتبرين الترجمة إعادة كتابة للنص أم خلقًا جديدًا له بلغة أخرى؟
إن كنا نتحدث عن الترجمة الحرفية، فهي مجرد نقل شكلي بلا روح ولا إبداع. أما الترجمة الأدبية، فهي خلق جديد للنص بلغة أخرى وثقافة أخرى، لكن بروحه الأولى نفسها. “الخيانة” فيها مشروعة، شرط أن تكون لصالح القارئ وجوهر العمل الأصلي.

4. بين الترجمة والكتابة، أيّهما يعبّر عنك أكثر اليوم؟
سؤال صعب. حبّي للكتابة والترجمة كبير ومتساوٍ. الترجمة شغفي الذي يمنحني نشوة الانتصار على كل نص صعب، والكتابة متنفّسي الذي أقول من خلاله كل ما لا يُقال.

5. أخبرينا عن مشروعك الأدبي القادم، ماذا ينتظر القارئ من “مولودك الأول”؟
أصدرتُ مولودي الأول، وهو ثمرة سنوات من مسيرة أدبية جميلة تنوّعت بين منشورات ومشاركات وكتب ورقية وإلكترونية. سيجد القارئ فيه صوتًا يكلّمه بعد كل سطر، يذكّره بحب عاشه، غدر تلقّاه، شوق مرّ به، أو صحوة غيّرت مساره. نصوصي مرتّبة كرحلة من بدايتها إلى نهايتها، بأسلوب مرهف يلامس كل قلب.

6. ما أكثر ما تتعلمينه من كل نص تترجمينه أو تكتبينه؟
الترجمة ربط بين ثقافات العالم؛ كل نص هو اكتشاف جديد لحياة أخرى. كلمة واحدة قد تقودني لحكاية كاملة من ثقافة مختلفة. أما الكتابة، فهي بحث دائم عن العبارة الأنسب، والقواعد الأصح، والمرادفات الأجمل، مما يثري قواميسي الداخلية باستمرار.

7. كيف تصفين لحظة الكتابة؟ هل هي فعل وعي أم انفعال شعور؟
غالبًا هي انفعال شعور. عندما تضيق الحياة ولا يجد المرء متنفسًا، تصبح الحروف خير صديق. تكتبين دون وعي… فقط لتتنفّسي. أما لحظات الوعي فهي قليلة، تأتي عندما أختار الكتابة عن موضوع ما، أو أدرّب نفسي عليها حين تكون مشاعري عند الصفر.

8. برأيك، هل يمكن نقل المشاعر بالترجمة كما هي؟ أم أن بعض الأحاسيس تضيع بين اللغات؟
قد يضيع الكثير بين اللغات، لكنني أؤمن أن المترجم المتمكن قادر على إيصال الجزء الأكبر من المشاعر بطريقته الخاصة، وهذا صلب مهمته.

9. ما رأيك في حضور الجيل الجديد من الكتّاب الجزائريين على الساحة الأدبية؟
أرى أن دور النشر تتحمل مسؤولية كبرى في إبراز الأنسب من الأصوات الجديدة. هناك أقلام فتية مبدعة، لكن ليس كل من يكتب كاتبًا. ومن واجب دور النشر الجزائرية أن تُمحّص ما يُنشر ليبقى الأجدر فقط، حتى لو كان شابًا.

10. أخيرًا، ماذا تقولين لملاك الصغيرة التي حلمت ذات يوم أن تكون كاتبة؟
أقول لها: حققتُ أول أحلامكِ يا أنا… والقادم أجمل. فقط ثقي بي، ولا تحيدي عن طريق السعي
     
بهذا القدر من الصراحة والاقتراب، تُنهي ملاك فرجيوي حديثها كما بدأته: بثقة هادئة وشغف لا يخمد. رحلتها مع اللغة ليست محطة مؤقتة، بل طريقٌ اختارته وسارت فيه حتى صار جزءًا من ملامحها. بين نصّ تُترجمه فيتّسع أفقها، ونصّ تكتبه فيتّسع قلبها، تواصل ملاك بناء صوتها الخاص، وتضع خطوة جديدة في مسارٍ طويل لا يزال يحمل الكثير. وتبقى رسالتها لنفسها وللقارئ واحدة: الإيمان بما بدأ، والسعي نحو ما سيأتي… لأن القادم دائمًا أجمل

المؤسسة مجلة إيلزا الأدبية للإناث الجزائرية 
المديرة بشرى دلهوم الجزائرية 
الصحفية أسماء أقيس -جزائر-فرنسا


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار صحفي مع الكاتب محمد بالحياني مع مجلة إيلزا الأدبية للإناث

حوار مع الكاتب والأستاذ محمد بالحياني المقدمة: هناك كُتّاب لا يكتبون لمجرد الكتابة، بل يحاولون أن يتركوا أثرًا، أن يحركوا شيئًا في القارئ، أن يجعلوا الكلمات مرآة تعكس واقعًا أو خيالًا يحمل بصماتهم الخاصة. محمد بالحياني، أحد هؤلاء الذين اختاروا أن يكون الحرف سلاحهم، والرؤية عماد نصوصهم. في هذا الحوار، نقترب من تجربته، نغوص في أفكاره، ونكشف أسرار رحلته الأدبية. المعلومات الشخصية: الاسم: محمد بالحياني السن:27سنة البلد:الجزائر- البيض الموهبة:كاتب الحوار: س/ مرحبا بك محمد تشرفنا باستضافتك معنا اليوم بداية كيف تعرف نفسك لجمهورك ومن يتابعك دون ذكر اسمك؟  ج/في الغالب أكون متحدث سيئ عن نفسي، لكن يمكنني أن أختصر بالفعل وأقول محمد عبد الكريم بلحياني ، من ولاية البيض بالضبط بلدية المحرة ، عاشق للكتابة ورائحة الكتب ، اعمل اداري للصحة العمومية ،  انسان مهووس بتفاصيل التفاصيل ، عاشق للكتابة وما يحيط بها من حالات متناغمة من الوحدة، الجمال، والتناسق مع الطبيعة ، كان اول مؤلف لي بعنوان الخامسة صباحًا الذي شاركت به في المعرض الدولي للكتاب سيلا 23  وثاني عمل كان رواية بعنوان بروخيريا التي ش...

( الشيروبيم) بقلم الكاتبة مروة صالح السورية

( الشيروبيم) مقدمة: في مكانٍ ما على سطح وجهها النقي ارتفعت الأمواج وأغرقت جُزراً بنية تحدّها شطآن وردية هذه الجزر التي لا نبحر إليها بل تبحر بنا إلى عالم لا يعرف الحروب ولا الجراح يقال إن الملائكة لا تُرى لكن هنا... ترسل السماء نوراً يجعل الزمن يحني رأسه إجلالاً لهذه اللحظة الخالدة التي سنشاهد فيها الشيروبيم يتجلى على هيئة ابتسامة تطوي المسافة بين الغرق والنجاة وتحيي الأمل في قلب كل من يؤمن بالأساطير وبأن حياةً جديدة قد تولد بعد الغرق النص: حين تبتسم تعلو أمواج خديها فتُغرق جُزر عينيها البنيتين وتُحلّق الفلامينغو من شطآن جفنيها الورديتين تلك الجزر وشطآنها التي تنقذني كلما واجهت تيارات بحر الحياة فأمكث بها لاكتشاف أساطير حبٍ جديدة حين تبتسم وفي منتصف شفتها العلوية يبسط طائر النورس جناحيه فتتوازن خطواتي وتتلاشى انكساراتي حين تضحك تدندن ضحكاتها على أوتار عمري فتصدر سمفونية سلام تنهي حروبًا وتشفي جراحًا لا علاقة لها بها حين تضحك تنكشف ثماني لآلئ بيضاء تنثر النور في ظلمات أيامي ويولد الفجر من جديد إنها ليست مجرد حركة شفاه... إنها لحظة خلود تتوقف عندها كل الأزمنة ومن رحم هذا السكون تُولد أع...

ركلة جزاء.pdf

 عنوان الكتاب : ركلة جزاء  مجموعة مؤلفين  إشراف وتدقيق : بشرى دلهوم تصميم وتنسيق : بشرى دلهوم  الناشرة :مجلة إيلزا الأدبية للإناث سنة النشر : 21جانفي 2025 لتحميل الملف اضغط هنا  ركلة جزاء.pdf