التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حوار صحفي مع الكاتبة منى بركان



منى بركان: حين يخلق من اليقين نجاح

✍️ المقدمة:

في كل سطر من سطورها، تصافحك امرأة جزائرية تحمل الحلم والحرف معًا. هي منى بركان، الكاتبة الشابة القادمة من ولاية سوق أهراس، والتي استطاعت في عمر 27 أن تفرض حضورها الأدبي عبر مؤلفين بارزين، أولهما خطيئة الماضي، وثانيهما على مذبح الحرية.

خلف هذه الأعمال، تقف روح شغوفة بالسياسة، متخرّجة من كلية العلاقات الدولية، وحاصلة على ماستر في الدراسات الأمنية الاستراتيجية، لكنها اختارت الكلمة وسيلة للتأثير، والإبداع طريقًا لحفر حضورها في المشهد الثقافي.

في هذا اللقاء، نغوص معها في تفاصيل الكتابة، والحلم، والسياسة، وأحلام الطفولة التي لم تفارقها.

🖋️ الحوار:

▪︎ بدايةً، من هي منى بركان؟ وكيف تعرّفين نفسك للقارئ؟
منى
منى بركان، شابة جزائرية من مدينة مداوروش بولاية سوق أهراس، حاصلة على شهادة ماستر في الدراسات الأمنية الاستراتيجية. رغم تخصصي في العلوم السياسية، إلا أنني وجدت نفسي الحقيقية في الكتابة، فهي المتنفس والملجأ. إلى جانب الأدب، أمارس فن الإلقاء، وهو جزء لا يتجزأ من شخصيتي، خصوصًا خلال سنوات الجامعة.

▪︎ أصدرتِ مؤلفك الأول "خطيئة الماضي" عام تخرجك.. كيف وُلد هذا العمل؟ وما دلالات هذا العنوان الجريء؟
ولد هذا الكتاب من رحم السرد، من رغبة عميقة في الحكي والبوح. العنوان لم يكن استفزازًا، بل دعوة لفهم كيف تؤثر أخطاء الماضي فينا، وكيف نحملها معنا بصمت. أردت أن أفتح نافذة على صراع داخلي إنساني نعيشه جميعًا.

▪︎ شاركتِ به في معرض سيلا الدولي.. كيف تصفين التجربة؟ وهل شعرتِ أنك وُضعتِ على خارطة الأدب الجزائري؟
كانت تجربة فريدة ومليئة بالدهشة. شعرتُ أنني خرجت من الظل إلى الضوء، أنني لست وحدي في هذا الدرب. تفاعل القراء منحني يقينًا بأن الكلمة الصادقة تجد طريقها.

▪︎ كتابك الثاني "على مذبح الحرية" يحمل عنوانًا رمزيًا لافتًا.. ما السياق الذي أفرز هذا العمل؟
هذا العمل وُلد من وجعي على فلسطين. لم أكتب عن وطن بعيد، بل عن قضية تسكن القلب. كل قصة فيه تحاول أن تلتقط لحظة من معاناة شعب لا يُهزم، رغم كل شيء.

▪︎ تخصصك الأكاديمي بعيد عن المجال الأدبي، فأنت خرّيجة علوم سياسية ودراسات أمنية.. كيف انعكس هذا المسار العلمي على أسلوبك في الكتابة؟
منحني هذا المسار وضوحًا في الرؤية، وجعلني أبحث دائمًا عن عمق في الحكاية. السياسة علمتني كيف أطرح الأسئلة، والسرد منحني الحرية في الإجابة.

▪︎ هل ترين أن الكاتب السياسي يختلف عن الكاتب الوجداني؟ أم أن الفكرة هي القاسم المشترك بينهما؟
الفكرة هي القلب، لكن التعبير عنها يتلون. أحيانًا أكتب بعين الباحث، وأحيانًا بقلب العاشقة. كلاهما موجود بداخلي.

▪︎ كيف تنظرين إلى الجمع بين الأدب والاهتمام بالتحليل الأمني والاستراتيجي؟ هل هناك تصادم أم تكامل؟
أراه تكاملًا، بل توازنًا جميلًا. السرد يمنح التحليل إنسانية، والتحليل يمنح السرد عمقًا. كلاهما يعزز الآخر.

▪︎ نعلم أنكِ عاشقة للإلقاء والتنشيط.. كيف تعيشين هذه التجربة على أرض الواقع؟ وهل الإلقاء شكل من أشكال الكتابة الصوتية؟
بالضبط! أعتبر الإلقاء سردًا بصوت مرتفع. هو فرصة لإعادة الحياة للكلمة، ولجعل الجمهور يعيشها لا يقرؤها فقط.

▪︎ في طفولتك، كان حلمك الصحافة.. هل ما زال هذا الحلم قائمًا؟ أم سرقك الأدب من الميكروفون؟
الصحافة لا تزال حلمًا مؤجلًا. لكن الأدب أسرني، وأشعر أنه الميكروفون الأعمق، لأن الكلمة فيه لا تموت بانتهاء البث.

▪︎ ما أبرز التحديات التي واجهتكِ كامرأة شابة اختارت أن تنشر في سن مبكرة؟
أبرزها النظرة المشككة، ومحاولات التقليل من الجهد. لكنني اخترت أن أرد بالحبر لا بالكلام، وأن أثبت نفسي بالسرد لا بالصراخ.

▪︎ كيف كانت علاقتكِ بدار النشر؟ ولماذا اخترتِ "أديلوس"؟
كانت علاقة مهنية جميلة، يسودها الاحترام والثقة. اخترت "أديلوس" لأنها كانت الأقرب لفهم رؤيتي.

▪︎ ما هو تقييمك لتفاعل القارئ الجزائري مع الكتّاب الشباب؟ هل وجدتِ الاحتضان أم التجاهل؟
وجدت الاحتضان، وربما كان مفاجئًا أحيانًا. القارئ الجزائري ذكي وواعٍ، لكنه بحاجة لمن يخاطبه بصدق.

▪︎ ما نوع النصوص التي تجدين فيها ذاتك أكثر؟ هل تفضلين السرد، التأمل، أم الطرح الرمزي؟
السرد دون شك. أعشق الحكاية، وتفاصيل الشخصيات، ومفاصل الحدث. هناك سحر لا يقاوم في نسج العوالم.

▪︎ هل تفكرين في التوجه نحو الرواية في أعمالك القادمة؟ أم أن خطك الأدبي سيبقى في خانة التأملات والتحليلات؟
الرواية هي هدفي القادم، بل حلمي. أعمل على مشروع روائي يحمل الكثير من النضج والتحوّل، وسيكون مختلفًا عن كل ما قدمت.

▪︎ من هم الكتّاب أو المفكرون الذين أثّروا فيكِ وألهموا أسلوبك؟
أدهم الشرقاوي ، جبران خليل جبران، غسان كنفاني، رضوى عاشور، وألبير قصيري. لكل منهم أثره الخاص في لغتي ورؤيتي.

▪︎ ما المشروع القادم الذي تعملين عليه؟ وهل سيكون مختلفًا عن أعمالك السابقة من حيث الشكل والمضمون؟
أعمل على رواية طويلة، فيها مزيج من السياسي والوجداني، من الذاكرة والواقع. ستكون أكثر نضجًا، وأعمق سردًا.

▪︎ لو عادت بكِ الأيام، هل كنتِ ستختارين طريقًا آخر غير الأدب؟
أبدًا. الأدب اختارني، وأنا اخترته. لا طريق أشعر فيه بذاتي مثله.

▪︎ وأخيرًا، ما رسالتكِ لكل شابة جزائرية تملك الشغف لكنها تتردد في الانطلاقة؟
اكتبي، لا تخافي. الشغف لا يكفي، لا بد من خطوة أولى، ولو كانت مرتجفة. المهم أن تبدئي:

منى بركان ليست فقط كاتبة شابة، بل مشروع امرأة تؤمن بأن الكلمة قادرة على أن تغيّر، وأن الحرف أداة للتحرير مثلها مثل الفكرة. بين الأدب والسياسة، وبين الإلقاء والكتابة، تشق طريقها بخطى ثابتة نحو التأثير.

في عالم تكثر فيه الأصوات، تظل منى تحرص على أن يكون صوتها صادقًا، معبّرًا، وجسرًا يصل إلى القارئ حيثما كان. ننتظر أعمالها القادمة بشغف، ونتمنى لها مزيدًا من التوهج في سماء الأدب الجزائري والعربي.

مجلة إيلزا الأدبية للإناث
المديرة: بشرى دلهوم
المحررة: عمراني صارة

تعليقات

  1. شكرا جزيلا كلم على حواركم الراقي والشيق ...بالتوفيق دائما...

    ردحذف
  2. ماشاء الله دمت فخرا لنا الكتابة متى بركان موفقة دائما وشكرا المجلة الأدبية على الالتفاتة للقيمة

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار صحفي مع الكاتب محمد بالحياني مع مجلة إيلزا الأدبية للإناث

حوار مع الكاتب والأستاذ محمد بالحياني المقدمة: هناك كُتّاب لا يكتبون لمجرد الكتابة، بل يحاولون أن يتركوا أثرًا، أن يحركوا شيئًا في القارئ، أن يجعلوا الكلمات مرآة تعكس واقعًا أو خيالًا يحمل بصماتهم الخاصة. محمد بالحياني، أحد هؤلاء الذين اختاروا أن يكون الحرف سلاحهم، والرؤية عماد نصوصهم. في هذا الحوار، نقترب من تجربته، نغوص في أفكاره، ونكشف أسرار رحلته الأدبية. المعلومات الشخصية: الاسم: محمد بالحياني السن:27سنة البلد:الجزائر- البيض الموهبة:كاتب الحوار: س/ مرحبا بك محمد تشرفنا باستضافتك معنا اليوم بداية كيف تعرف نفسك لجمهورك ومن يتابعك دون ذكر اسمك؟  ج/في الغالب أكون متحدث سيئ عن نفسي، لكن يمكنني أن أختصر بالفعل وأقول محمد عبد الكريم بلحياني ، من ولاية البيض بالضبط بلدية المحرة ، عاشق للكتابة ورائحة الكتب ، اعمل اداري للصحة العمومية ،  انسان مهووس بتفاصيل التفاصيل ، عاشق للكتابة وما يحيط بها من حالات متناغمة من الوحدة، الجمال، والتناسق مع الطبيعة ، كان اول مؤلف لي بعنوان الخامسة صباحًا الذي شاركت به في المعرض الدولي للكتاب سيلا 23  وثاني عمل كان رواية بعنوان بروخيريا التي ش...

( الشيروبيم) بقلم الكاتبة مروة صالح السورية

( الشيروبيم) مقدمة: في مكانٍ ما على سطح وجهها النقي ارتفعت الأمواج وأغرقت جُزراً بنية تحدّها شطآن وردية هذه الجزر التي لا نبحر إليها بل تبحر بنا إلى عالم لا يعرف الحروب ولا الجراح يقال إن الملائكة لا تُرى لكن هنا... ترسل السماء نوراً يجعل الزمن يحني رأسه إجلالاً لهذه اللحظة الخالدة التي سنشاهد فيها الشيروبيم يتجلى على هيئة ابتسامة تطوي المسافة بين الغرق والنجاة وتحيي الأمل في قلب كل من يؤمن بالأساطير وبأن حياةً جديدة قد تولد بعد الغرق النص: حين تبتسم تعلو أمواج خديها فتُغرق جُزر عينيها البنيتين وتُحلّق الفلامينغو من شطآن جفنيها الورديتين تلك الجزر وشطآنها التي تنقذني كلما واجهت تيارات بحر الحياة فأمكث بها لاكتشاف أساطير حبٍ جديدة حين تبتسم وفي منتصف شفتها العلوية يبسط طائر النورس جناحيه فتتوازن خطواتي وتتلاشى انكساراتي حين تضحك تدندن ضحكاتها على أوتار عمري فتصدر سمفونية سلام تنهي حروبًا وتشفي جراحًا لا علاقة لها بها حين تضحك تنكشف ثماني لآلئ بيضاء تنثر النور في ظلمات أيامي ويولد الفجر من جديد إنها ليست مجرد حركة شفاه... إنها لحظة خلود تتوقف عندها كل الأزمنة ومن رحم هذا السكون تُولد أع...

ركلة جزاء.pdf

 عنوان الكتاب : ركلة جزاء  مجموعة مؤلفين  إشراف وتدقيق : بشرى دلهوم تصميم وتنسيق : بشرى دلهوم  الناشرة :مجلة إيلزا الأدبية للإناث سنة النشر : 21جانفي 2025 لتحميل الملف اضغط هنا  ركلة جزاء.pdf