أزهري أينما حللتِ
التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حوار صحفي مع الكاتبة خلود حشيش مع مجلة إيلزا الأدبية للإناث



في عالمٍ باتت السرعة عنوانه، يبقى للأدب نبضٌ مختلف… نبضٌ ينبعث من أعماق الكلمة، ومن أصابع تحترف نقش المشاعر على بياض الورق. وفي هذا الفضاء الإبداعي، تبرز أصوات شابة لا تنحني أمام الضجيج، بل تنسج حضورها بالحرف الهادئ والعميق.

ضيفتنا اليوم صوتٌ أنثوي جزائري يكتب بصمت، لكنه يُحدث صدى واسعًا في قلوب من يقرأه. خلود حشيش، الكاتبة والطالبة، التي استطاعت رغم صِغر سنها أن تضع بصمتها في عالم الأدب بخواطرها، وشعرها، وقصصها، ورواياتها، وأن تشارك في أكثر من خمسين مؤلفًا جامعًا، إلى جانب كتب ومجلات أدبية مرموقة.

في هذا الحوار، نغوص مع خلود في عوالم الكتابة، نحاورها عن بداياتها، عن “شرنايا روزي”، عن مشاريعها القادمة، وعن المرأة الكاتبة في الجزائر، فكان لنا معها هذا اللقاء الممتع.

أسئلة الحوار
 1. بداية، من هي خلود حشيش بعيدًا عن الألقاب والسيرة الأدبية؟
خلود، مجرد قلب مصر أن ينبض بالحياة، جسد بروحين، الأولى يرعانة تحمل بحوزتها أطنانا من الأحلام و الطموحات، أما الأخرى فشابة أمسكت بيدها محاولة قصارى جهدها أن تحقق لها جميع أحلامها، وأن تصبو بها نحو الثريا، و تجعل لها من اسمها نصيبا، فتخلد بصماتها على مجلد الأيام التي كتب الله لها أن تحياها.
هي قلب يعشق تجربة كل شيء، فأصبح هاويا للرسم والطرز والخياطة، لصنع قوالب الحلوى، للإلقاء، والاختلاء بأسطر تحمل بين طياتها حيوات مختلفة.

 2. كيف كانت شرارة البداية مع الكتابة؟ وما الذي شكل أول دفعة نحو هذا الطريق؟
شرارة البداية كانت من بين أعظم انجازاتي، والذي بات أجمل ذكرى، يوم نظمت فيه ابتدائيتي مسابقة ليوم العلم، وتم اختياري لإلقاء قصيدة شعرية عنوانها "البيئة"، فتحصلت على أعلى علامة (16) وكنت سببا في تمركز المدرسة في الرتبة الأولى، ولقبت حينها بالشاعرة، حتى أنه تم استدعائي لإداعة ولاية قسنطينة لأعيد إلقاء القصيدة، ومنذ ذاك الحين و الحلم يداعب فكري، فحمدا لله الذي رزقني نعمة تحقيقه، ونشر صدى أحرفي بين قلوب تعيش ما خطته أناملي بدلا من مجرد تمشيطها بالأعين. 
 3. هل كانت دراستك في شعبة علوم الطبيعة والحياة بعيدة عن ميولك الأدبية، أم أنها أثرت في أسلوبك بطريقة ما؟
كانت بعيدة كل البعد، لكن ذلك الاختلاف كان بالنسبة لي نقطة تميز، وحافزا يدفعني لأبدع في كلا الجانبين.
 4. كيف توفقين بين دراستك الجامعية في تخصص الأرطوفونيا وبين نشاطك الإبداعي؟
في أغلب الوقت أضع نفسي تحت ضغوط حتى يصل بي الحال حد البكاء، فكوني مهووسة بالدراسة من جهة، و لا أحب تضييع الفرص كالمسابقات الأدبية من جهة أخرى، يجعلني أحاول قصارى جهدي أن لا انقطع عن الإثنين، حتى أن وليدي الأول" شرنايا روزي" قمت بجمعه و مراجعته وإرساله إلى دار النشر في ليلة من ليالي الامتحانات.

 5. كتبتِ في أكثر من نوع أدبي: الخاطرة، الشعر، الرواية، القصة… أيها الأقرب إلى نفسك ولماذا؟
أقربهم إلى نفسي هي القصص والروايات، لأنها غير مقيدة حجما ووزنا مقارنة بالخواطر و القصائد، مما يتيح لي فرصة أن أعبر عما يختلجني بكل أريحية و إيصال الشعور كما أريد بالضبط، وغالبا ما أكتبها بأسلوب شاعري، حتى ان كثيرين وصفوا كتاباتي تلك بأنها أقرب إلى الشعر النثري.
 6. حدثينا عن كتابك “شرنايا روزي”، ماذا يمثل لك؟ ولماذا اخترتِ له هذا الاسم الغامض؟

"شرنايا روزي" هو بمثابة وليدي الأول، كما ذكرت سابقًا، وهو الخطوة الأولى في مسار الألف ميل بإذن الله. هذا الكتاب منحني الثقة، وأوقد في داخلي شغفًا أكبر للتطوير والاستمرار.
أما عن سبب اختياري لهذا الاسم الغامض، فكان أولًا رغبتي في وضع عنوان فريد لم يُستخدم من قبل. ولأن مواضيع الكتاب متعددة، لم أجد عنوانًا دلاليًا يضمها جميعًا. كنت قد اخترت مسبقًا غلافًا يحمل وردة سوداء، فأردت أن يكون الاسم "الوردة السوداء" لكن بتعبير نادر ومختلف، فترجمتها إلى عدة لغات، إلى أن استقررت على الصيغة الروسية: شرنايا روزي، والتي تعني "الوردة السوداء"، ليُتوَّج بها الغلاف والكتاب معًا."

 7. لديكِ مؤلفات لم تُنشر بعد، هل يمكن أن تطلعينا على مضمون كل واحد منها بإيجاز؟
طبعا، لدي روايتين: الأولى تجمع بين الواقع و الفانتازيا، قصة حب من طراز ٱخر، أسقطت شخصياتها على طائرين خلدتهما الأساطير، لكنها لن تكون مجرد قصة حب، بل ستتناول أبعادا أخرى، كصدمة النهايات بعد لذة البدايات، و اللجوء إلى الله بغية أن يتوج الحب بالحلال، و تسليط الضوء على كيفية تغيير الدعاء للقدر. 
أما الثانية، فتتحدث عن طفولة مشتتة، عن اليتم والتشرد، و عن عوض الله في ٱخر المطاف.

 8. ما الصعوبات التي تواجهك ككاتبة شابة في مسألة النشر الورقي تحديدًا؟
كوني لازلت مجرد طالبة، الأمر الوحيد الذي يعيقني هو العائق المادي و تكاليف النشر، وهو إن شاء الله ظرف مؤقت و سيمر.
 9. كيف كانت تجربتك مع المجلات الأدبية؟ وأي مشاركة منها تركت فيك الأثر الأكبر؟
كانت تجاربي مع المجلات الأدبية تجاربا فريدة من نوعها، و أكثر مشاركة تركت في الأثر الأكبر هي تلك التي نشرت فيها نصوصي عن فلسطين، في وقت كانت بحاجة ماسة إلى أن يسمع صوتها، و تنقل الجرائم الشنيعة التي ترتكب على أراضيها، والتي نالت تفاعلا كبيرا.
 10. شاركتِ في أكثر من خمسين كتابًا جامعًا، هل تعتبرين هذه المشاركات خطوات نحو التمكين الأدبي أم مجرد تجارب تكميلية؟
بصراحة، في بداياتي كمبتدئة كانت خطوات نحو التمكين، استطعت من خلالها أن أكتب في شتى و المواضيع و جلها، وفي كل مرة كانت تدفعني روح المنافسة لأقدم أفضل ما لدي، فوجدتني قد طورت من لغتي و أسلوبي دون أن أشعر حتى...
أما الٱن فهي مجرد تجارب تكميلية، تثير أحرفي و توقدها من سباتها في كثير من الأحيان، و تقيني من الإنقطاع الذي كثيرا ما يقع الكاتب بين شباكه لفترات طوال.
 11. نلتِ المرتبة الرابعة في مسابقة دولية للقصة القصيرة، كيف استقبلتِ هذا التتويج؟
كنت على يقين أنني سأكون من بين الفائزين، لذلك كان الأمر عاديا بالنسبة لي.
 12. من هم الكتّاب الذين كان لهم تأثير على أسلوبك وتوجهك الأدبي

لا أحد، لأنني ببساطة و لو أن الأمر غريب بالنسبة لكثيرين، إلا أنني لا أهتم بمن ألف الكتاب، و أغلب الكتب التي قرأتها و أثرت بي لا أعرف مؤلفها أساسا.
 13. كيف تقيمين حضور المرأة الكاتبة في المشهد الأدبي الجزائري اليوم؟
أرى أن حضور المرأة الكاتبة في المشهد الأدبي الجزائري في تصاعد ملحوظ، خاصة مع اتساع فضاءات النشر، سواء عبر الكتب الورقية أو المنصات الإلكترونية. أصبحت كثير من الكاتبات الجزائريات يبرزن بقوة في مجالات متنوعة: الرواية، القصة، الشعر، وحتى المقالة. ورغم أن الطريق لا يزال يتطلب مزيدًا من الدعم والتقدير، إلا أن المرأة الكاتبة اليوم أثبتت قدرتها على حمل القلم بوعي وجمال، ونقل قضاياها وقضايا مجتمعها بصوت عميق وناضج.

 14. ما طموحاتك في المستقبل؟ وهل من عمل جديد على وشك الصدور؟
طموحاتي أن ألهم من حولي من خلال كتاباتي، أن أضرب بعصى موسى أمواج الألم، و أعبر بينها صارخة بعبارات الأمل. أن أصبو نحو أحلامي أكثر، وأصبح كاتبة عالمية ينتشر صيتها في كل الربوع.

- نعم، هناك عمل قيد الإنجاز، سيصدر قريبا بإذن الله تعالى.

 15. هل تفكرين في تحويل أحد أعمالك إلى عمل سينمائي أو تلفزيوني؟
راودتني الفكرة مرارا، لكني لم أستقر عليها مطولا في الوقت الحالي، ربما سيشرق نورها في المستقبل إن شاء الله.
 16. ما الرسالة التي تحرصين على إيصالها من خلال كتاباتك؟
أفضل أن أجيب باقتباس من "شرنايا روزي"
«كؤوس الاستسلام في عقيدتي خمور محرمة، و سأمضي الحياة أتمنى، وأحلم، وكلي أمل».
أهم شيء في هذه الحياة هو التوكل على الله، ومعاملته باليقين لا بالشك و التجربة، من ثم الاجتهاد و عدم التوقف عن رسم الأحلام و الطموحات، و كل مراد ٱت بإذن الله. ستكون كتاباتي رسائلا تحمل مواقف مختلفة تجسد هذه الحقائق التي لابد منها لاجتياز العثرات و الابتلاءات، والرضى بكل ما يكتبه الله عز وجل لنا.

 17. ماذا تقولين لخلود الطفلة التي كتبت أول قصة؟
أقول لها: " مبارك لك صغيرتي، أعدك أنني لن أتخلى عن أحلامنا قط، سأظل متشبثة بها جميعها إلى أن نصبو إليها، ابتسمي فلم يتبق الكثير، لقد حققنا شوطا لا بأس به، و القادم أجمل بإذن الله".

 18. وأخيرًا، ما نصيحتك للجيل الجديد من الكُتّاب والكاتبات؟
نصيحتي إلى كل كاتب: 
"كلنا بدأنا من الصفر، فلا تقارن نفسك لمن اجتازوا البدايات، أخطو خطواتك رويدا رويدا و تسلق الدرج إلى أن تصل، و اعلم أن الخيرة فيما اختاره الله، فإن اختار لك السقوط يوما، فهو حتما يدبر لك عوضا عظيما، يدبر لك نهوضا يلتهب به قلبك، و نجاحا لا تضاهيه فرحة.
-لا وجود لكاتب بدون مطالعة، لذا فلتكن رفيقة الدرب للصبو نحو الهدف، و خاصة تلاوة كتاب الله عز وجل، فهو يزخر بالكلمات و المعاني القوية، و كذا الدروس و العبر.
-.امضي السبل و شارتك" كلهم مجرد ٱراء و أنا القرار"، لا تلتفت لما يحبطك و يثبط حماسك، أو يطفى ٱمالك، فقط توكل على الله و قدر ذاتك و إستمر في رسم الخطوات نحو الأمام.
-.لا تستسلم للعثرات، فما الحياة سوى مجرد حروب نخوضها، و أيام تتناوب بين فوز و خسارة، فإن فزت لا تتكبر، و إن خسرت عاود الكرة، فلكل بداية نهاية و بعض النهايات تكون أجمل بداية.
- سلم أمرك لله و توكل عليه، و اسعى لقربه دوما فإن أرضيته أرضاك."

وفي الأخير أتقدم لك بجزيل الشكر عزيزتي أسماء، شكرا لك على هذه الإلتفاتة، أتمنى لك دوام التألق و النجاح.

المؤسسة مجلة إيلزا الأدبية للإناث 
المدربة بشرى دلهوم 
الصحفية أسماء أڨيس

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتاب محاربة الفيبروميالجيا

محاربة الفيبروميالجيا.pdf الكاتبة خولة بوزياني المدققة اللغوية: بشرى دلهوم إعداد وإشراف : بشرى دلهوم الناشرة مجلة إيلزا الأدبية للإناث الطبعة الأولى: 2024

حوار صحفي مع الكاتب محمد بالحياني مع مجلة إيلزا الأدبية للإناث

حوار مع الكاتب والأستاذ محمد بالحياني المقدمة: هناك كُتّاب لا يكتبون لمجرد الكتابة، بل يحاولون أن يتركوا أثرًا، أن يحركوا شيئًا في القارئ، أن يجعلوا الكلمات مرآة تعكس واقعًا أو خيالًا يحمل بصماتهم الخاصة. محمد بالحياني، أحد هؤلاء الذين اختاروا أن يكون الحرف سلاحهم، والرؤية عماد نصوصهم. في هذا الحوار، نقترب من تجربته، نغوص في أفكاره، ونكشف أسرار رحلته الأدبية. المعلومات الشخصية: الاسم: محمد بالحياني السن:27سنة البلد:الجزائر- البيض الموهبة:كاتب الحوار: س/ مرحبا بك محمد تشرفنا باستضافتك معنا اليوم بداية كيف تعرف نفسك لجمهورك ومن يتابعك دون ذكر اسمك؟  ج/في الغالب أكون متحدث سيئ عن نفسي، لكن يمكنني أن أختصر بالفعل وأقول محمد عبد الكريم بلحياني ، من ولاية البيض بالضبط بلدية المحرة ، عاشق للكتابة ورائحة الكتب ، اعمل اداري للصحة العمومية ،  انسان مهووس بتفاصيل التفاصيل ، عاشق للكتابة وما يحيط بها من حالات متناغمة من الوحدة، الجمال، والتناسق مع الطبيعة ، كان اول مؤلف لي بعنوان الخامسة صباحًا الذي شاركت به في المعرض الدولي للكتاب سيلا 23  وثاني عمل كان رواية بعنوان بروخيريا التي ش...

( الشيروبيم) بقلم الكاتبة مروة صالح السورية

( الشيروبيم) مقدمة: في مكانٍ ما على سطح وجهها النقي ارتفعت الأمواج وأغرقت جُزراً بنية تحدّها شطآن وردية هذه الجزر التي لا نبحر إليها بل تبحر بنا إلى عالم لا يعرف الحروب ولا الجراح يقال إن الملائكة لا تُرى لكن هنا... ترسل السماء نوراً يجعل الزمن يحني رأسه إجلالاً لهذه اللحظة الخالدة التي سنشاهد فيها الشيروبيم يتجلى على هيئة ابتسامة تطوي المسافة بين الغرق والنجاة وتحيي الأمل في قلب كل من يؤمن بالأساطير وبأن حياةً جديدة قد تولد بعد الغرق النص: حين تبتسم تعلو أمواج خديها فتُغرق جُزر عينيها البنيتين وتُحلّق الفلامينغو من شطآن جفنيها الورديتين تلك الجزر وشطآنها التي تنقذني كلما واجهت تيارات بحر الحياة فأمكث بها لاكتشاف أساطير حبٍ جديدة حين تبتسم وفي منتصف شفتها العلوية يبسط طائر النورس جناحيه فتتوازن خطواتي وتتلاشى انكساراتي حين تضحك تدندن ضحكاتها على أوتار عمري فتصدر سمفونية سلام تنهي حروبًا وتشفي جراحًا لا علاقة لها بها حين تضحك تنكشف ثماني لآلئ بيضاء تنثر النور في ظلمات أيامي ويولد الفجر من جديد إنها ليست مجرد حركة شفاه... إنها لحظة خلود تتوقف عندها كل الأزمنة ومن رحم هذا السكون تُولد أع...