رأس السّنة الهجرية معبر الزّمان وبداية المعنى
رأس السّنة الهجرية هو اليوم الأول من شهر محرّم، أول شهور السّنة الهجرية، ويُعد مناسبة إسلامية عظيمة تحمل في طياتها معاني الهجرة، والبداية، والثّبات على المبدأ.
فهو لا يمثل مجرد انتقال زمني، بل هو رمز لتحوّل تاريخي غيّر وجه الأمة الإسلامية.
أصل التّقويم الهجري
يرتبط التّقويم الهجري بهجرة النّبي محمد ﷺ من مكة إلى المدينة المنورة، والتي لم تكن هروبًا من واقع مؤلم، بل انطلاقة نحو بناء مجتمع عادل، يحكمه الإيمان، ويظلّه السّلام.
تم اعتماد الهجرة بداية للتّقويم الإسلامي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بعد مشاورة الصّحابة، لكونها تمثل مفترق طرق في تاريخ الإسلام:
من مرحلة الاضطهاد، إلى مرحلة الدّولة، والنّظام، والحريّة.
مظاهر رأس السّنة الهجرية
رغم أن رأس السّنة الهجرية لا يُحتفل به كعيد شرعي، إلا أنّ المسلمين حول العالم يستقبلونه:
بالذّكر والدّعاء، واستحضار معاني الهجرة النّبوية.
بالمواعظ والمحاضرات في المساجد والمنابر، للتّذكير بقيمة الإيمان والتّضحية.
بالبداية الرّوحية، حيث يرى فيه الكثيرون فرصة لمحاسبة النّفس وفتح صفحة جديدة مع الله.
دروس من الهجرة
رأس السّنة الهجرية ليس مجرد تاريخ، بل رسالة، ومن أهم ما نتعلّمه في هذه المناسبة:
الثّبات على المبدأ: فالنّبي ﷺ خرج مهاجرًا لا حبًا في التّرحال، بل حفاظًا على العقيدة.
الإيمان بالفرج بعد الشّدة: بعد سنوات من الحصار في مكة، جاء نصر المدينة.
التّخطيط والأخذ بالأسباب: الهجرة كانت منظمة ودقيقة، رغم أنّها بأمر الله.
أهمية الصّحبة الصّالحة: فكان أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه رفيق الطّريق، والسّند في الغار.
رأس السّنة الهجرية بين الماضي والحاضر
في عالم اليوم، قد لا يشعر البعض بقيمة هذا اليوم مقارنة برأس السّنة الميلادية، بسبب طغيان الثّقافة المادية والاحتفالية.
لكن للمسلم الواعي، رأس الّسنة الهجرية هو وقفة تأمل، يراجع فيها قلبه، سعيه، وأين يريد أن يكون في طريقه إلى الله.
خاتمة
رأس السّنة الهجرية هو تذكير سنوي بأنّ الحياة لا تقاس بالأيام، بل بما نزرع فيها من إيمان وصدق وعمل.
هو بداية جديدة، وفرصة لكل من ضلّ الطّريق أن يعود، ولكل من أُنهك أن يستريح، ولكل من يريد التّغيير أن يبدأ، كما بدأ الرّسول ﷺ هجرتَه، ليسير الزّمان على خُطاه.
كل عام هجري وأنتم بخير، نسأل الله أن يجعلها سنة هداية، وثبات، وسلام.
الكاتبة: ورود نبيل
الأردن
تعليقات
إرسال تعليق