في اللاحياة
لوحةُ مفاتيحَ رسمت حياةً، ورسمَتْ ورودَ المحبّين مع ملصقاتِ صباحِ الخيرِ؛ هكذا وصلنَا الرَّحمَ، صورةً عابرةً فيها أعينٌ وقلوبٌ؛ وصارتْ بدايةَ قصّةٍ رائعةٍ داخلَ لوحةِ المفاتيحِ، ولا تتعدّاها.
حبٌّ رقميٌّ؛ هيامٌ، قلقٌ، وولهٌ افتراضيٌّ.
أنا متزوجٌ؛ ولي من الحبيباتِ ألفٌ؛ بمجرّدِ ضغطةِ زرٍّ واحدةٍ.
مريضٌ قد عدناهُ بعلبةِ حلوى، وباقةِ وردٍ إلكترونيةٍ، وآخرُ شددنا أزرَه؛ بتعزيتِه في أحبِّ النَّاسِ إليه بمراسلةٍ خاصّةٍ جدًّا فيها أسمى عباراتِ الدَّعمِ.
حياةٌ افتراضيّةٌ داخلَ حياةٍ ليست حياةً.
كلّها إفكٌ ،زيفٌ ؟خداعٌ وسفرٌ.
وأنا جالسٌ في عتمتي، حبٌّ يُجافي الجسدَ، خالٍ من المشاعرِ.
فأين الهمساتُ، وصوتُ المشاعرِ، والعناقِ.
كيف لتلك المشاعرِ الباردةِ بالأزرارِ أنْ تنالَ من حياةٍ حقيقيّةٍ. دفءٌ، انفعالٌ، شدٌّ وجذبٌ، مع المزيدِ من الاحتواءِ.
فهذا انفصالٌ بحَظْرٍ، هذه زيارةٌ بكلمةٍ، وهذا سفرٌ عبرَ الصُّورِ؛ حياةٌ مزريةٌ ليس فيها حياة.
قالت له ذاتَ يومٍ: أحبُّ الوردَ؛ فأمطرَها بصورِ الوردِ، وأرقِّ الكلماتِ.
قالت: أريدُها حقيقةً
قال: بيني وبينكِ مسافاتٌ، ومَشاقٌ.
فهل هذا ما نتمناهُ؛ خدعةٌ إلكترونيةٌ وحياةٌ مزيّفةٌ؛ لنتركَ الحياةَ بكلِّ جمالِها أو مآسيها.
نعيشُ أوهامًا، نتركُ حقيقةَ الحياةِ، وجمالَ العيشِ ، كي نموتَ ببطءٍ في اللاحياة.
على كلِّ عقلٍ مفكّرٍ؛ أنْ يأخذَ واقعَه الافتراضي إلى واقعِه الحقيقيّ؛ فيزورُ صديقَه المريضَ الّذي يعرفُه من صفحتِه، ويحوّلُ أصدقاءَه الافتراضيين إلى حقيقةٍ؛ رغم أنفِ التِّكنولوجيا، يُحبُّ بصدقٍ ويتزوّجُ محبوبتَه.
علينا أنْ نُطوّرَ الحياةَ الافتراضيةِ، نجبرَها، نطوّعَها رغم أنفها؛ لنجعلها واقعيّةً؛ كي نسعد بالحياة.
الكاتبة الصَّحفية/ د. دعاء محمود
مصر
دعاء قلب
تعليقات
إرسال تعليق