أزهري أينما حللتِ
التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حوار صحفي مع الكاتبة لطيفة بروال مع مجلة إيلزا الأدبية للإناث

عنوان الحوار:
"الكتابة ليست ترفًا بل مسؤولية"... لطيفة بروال تفتح الملفات المكنونة في الأدب الجزائري

المقدمة:

في هذا العدد المميز من مجلة إيلزا الأدبية للإناث، نفتح نافذة على التجربة الأدبية لواحدة من الأصوات النسوية الجزائرية الجريئة، كاتبة لا تخشى الملامسة الصريحة للوجع المجتمعي، ولا تتردد في مساءلة الواقع وتفكيكه عبر نصوصها.
نرحّب اليوم بالروائية والقاصة لطيفة بروال، ابنة الأوراس الأبي، التي آمنت بأن الحرف رسالة، وأن الكتابة ليست ترفًا ولا تزيينًا للواقع، بل وسيلة مقاومة وكشف ومحاولة إصلاح.

من خلال أعمالها القصصية والروائية، مثل تعويذة ميطرون ولعنة الثلج، تخوض بروال في أعماق قضايا إنسانية تمس وجدان القارئ العربي، بأسلوب سردي جميل، ولغة سهلة تتسلل إلى القلب والعقل في آن واحد.

في هذا الحوار، نتحدث مع الكاتبة عن بداياتها، قضاياها، رؤيتها للواقع، وتفاصيل اشتغالها على مواضيع اجتماعية حساسة، مثل قضية اختطاف الأطفال، والمرأة في المجتمع، والتهميش النفسي والاجتماعي للفرد.

الحوار:

س: بداية، نودّ أن نأخذكِ إلى البدايات: كيف ولدت لطيفة بروال الكاتبة؟ ومتى شعرتِ أن الكتابة قدَر لا فكاك منه؟
ج: …لطيفة بروال من مواليد عام 1976:لبلدية وادي الماء ولاية باتنة عاصمة الأوراس الأشم ٫ نشأت في أسرة محافظة على القيم و المبادئ ومحبة للعلم و المعرفة ، كنت تلميذ نجيبة و أعشق الكلمة و الحرف منذ نعوم أظفاري ..

س: انطلقتِ في مسيرتكِ بقصتين، ثم تابعتِ تجربتكِ بروائيتين، كيف كانت تلك القفزة نحو الرواية؟ وماذا أضافت لكِ؟
ج: … توجهي لكتابة الرواية كان إمتدادا لبداياتي المتمثلة في كتابة القصة و القصة شبه مطولة و إستقراري على كتابة الرواية جاء بعد إكتشافي لنفسي من خلالها و أنها الجنس الأدبي الذي أتقنه و أمهر فيه بالإضافة لأنه يمنحني مساحة أكبر للتعبير عن أفكاري و نظرتي للحياة بشكل اوسع .

س: روايتكِ "تعويذة ميطرون" أثارت الكثير من الاهتمام، خصوصًا لجرأتها في طرح الواقع كما هو. كيف تعاملتِ مع هذا التحدي؟
ج: …بالنسبة لرواية تعويذة ميطرون فهي تتحدث عن ٱفة من أخطر الأفات التي تغلغلت في مجتمعنا الجزائري و أثارت ضجة واسعة و تساؤلات داخل الجزائر و خارجها ألا و هي أفة السحر و الشعوذة و ما مثلته و ما تزال من خطورة على حياة الناس في مجتمعنا استدعت دق ناقوس الخطر على جميع الأصعدة و كان لزاما علي أن أسلط الضوء عليها من خلال هذه الرواية التي لاقت استحسان حميع من قرأتها و حققت نجاحا مستحقا و لله الحمد ..

س: في "لعنة الثلج"، طرحتِ قضية مؤلمة تمسّ المجتمع الجزائري وهي اختطاف الأطفال، لماذا اخترتِ هذه القضية بالذات؟
ج: … تأثري بما حصل مع عائلات جزائرية من مٱسي و ألام جراء خطف أطفالهم و قتلهم في ظروف غامضة هو ما دفعني لكتابة هذه الرواية و قد كتبتها بإحساس كبير و كلي أمل أن تجد صدى في الواقع الجزائري و تؤثر في الرأي العام .

س: تتناولين في أعمالكِ جذور الظواهر الاجتماعية وليس مظاهرها فقط، كيف تنظرين لدور الكاتب في تشخيص الألم المجتمعي؟
ج: …دور الكاتب يجب ان يكون كدور الطبيب تماما فالطبيب يفحص جسد الإنسان بحثا عن العلل و مسبباتها و يصف له العلاج المناسب ليتعافى فالكاتب أيضا عليه أن يفحص جسد المجتمع و يبحث عن علله و أمراضه و مسبباتها و يصف لها العلاج النهائي الذي بفضلها يتعافى المجتمع و تصفو حياة الناس ..

س: هل ترين أن الرواية يمكن أن تُسهم في خلق وعي جمعي جديد؟ أم أن تأثيرها يظلّ محدودًا؟
ج: …بالتأكيد للرواية تأثير كبير على وعي من يقرؤونها خصوصا إذا لامست وجدانهم و تعايشت مع مواقف حقيقية عاشوها في حياتهم و استطاعت الإجابة على تساؤولاتهم العديدة و وجدوا أنفسهم فيها و هذا ما حدث فعلا معي لدى من قرؤوا رواية تعويذة ميطرون ..

س: اللغة في كتاباتكِ واضحة، بسيطة، لكنها مشحونة بالعاطفة والوعي، هل تتعمّدين ذلك؟ وما سرّ هذه المعادلة؟
ج: …مذ كنت صغيرة أحب القراءة لكنني لا استسيغ النصوص المكتظة بالألفاظ المعقدة و اللغة العصية على الفهم و هذا ما أحدث عندي هذه الرغبة للكتابة بلغة سهلة ميسرة ليقرأ لي الجميع و يفهمني الجميع و بالتالي تصل أفكاري بسهولة الى جمهوري المستهدف طبعا و هذا مع الحرص و المحافظة على رقي اللغة و تناسقها بالجماليات اللفظية و العاطفة و الوعي كما تفضلت ..

س: لطالما كتبتِ عن المرأة، ولكن بطريقة غير نمطية، كيف ترين واقع المرأة الجزائرية اليوم؟ وهل تغيّر؟
ج: …أجل تعويذة ميطرون كان نصها عن المرأة و تناولت قصة إمرأة و استهدفت جمهور النساء في مجتمعنا و مازال لدي النية في الكتابة عن مواضيع أخرى و قضايا تعنى بالمرأة الجزائرية و العربية و المسلمة أما سؤالك عن وافع المرأة اليوم فالحديث عن هذا الموضوع يحتاج لمساحة أكبر و وقت كافي لا يمكنني تلخيصه في جواب صغير إنما أكتف بالقول أن واقع المرأة اليوم له ما له و عليه ما عليه و مثلما رأينا نساء تفوقن على ظروفهن و نجحن في تحقيق ذواتهن في المجتمع هناك فئة اخرى من النساء مازلن يعانين من ظروف صعبة و تحديات جمة على جميع الأصعدة وبحاجة لاهتمامنا جميعا و ذلك بالنظر في مشاكلهن و إيجاد حلول لها ..

س: ما مشاريعك القادمة؟ وهل من مخطوطات جديدة تلامس قضايا مغايرة؟
ج: …الكتابة فعل مستمر و المواضيع التي تستفزني و تغريني بالكتابة فيها عديدة و متنوعة و قلمي لا يفتأ يخط نصوصا متفرقة و كلي أمل أن يعينني الله على جمعها و تنظيمها في أعمال أدبية مستقبلية ...

س: كلمة أخيرة توجّهينها لكل فتاة تكتب، لكنها ما تزال تخشى المواجهة أو النشر؟
ج: …أولا أشجع كل ذات موهبة تعشق الحرف و تغامر بفك رموز الكلمة وطلاسمها و أنصحها بتنمية موهبتها بالقراءة المكثفة و المتنوعة لتكتسب ثقافة واسعة و تمكنا لغويا معتبرا و إن تثق بنفسها دون غرور و ان تبادر لنشر أول أعمالها إن كانت قد وصلت إلى مرحلة امتلاك الوسائل اللازمة و بالتوفيق ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة ..

ختاما:

مع الكاتبة لطيفة بروال، لا تكون الكتابة مجرد فعل إبداعي معزول عن الواقع، بل هي وقوف في وجه النسيان، ومقاومة بالصوت والكلمة لكل ما يهدّد إنسانية الإنسان.
في حوارها، لمسنا شجاعة الكاتبة التي لا تخشى "فتح الملفات المغلقة"، ولا تخجل من مساءلة المجتمع ومؤسساته.
تغادرنا كلماتها، لكن تبقى رسائلها حاضرة، تُذكّرنا بأن الأدب، حين يكون صادقًا، يُشبه ضوءًا صغيرًا يضيء عتمةً كاملة، وأن صوت المرأة حين يُنصت جيدًا، بإمكانه أن يغيّر العالم.


المؤسسة: بشرى دلهوم
#مجلة إيلزا الأدبية للإناث
المحررة: صارة عمراني

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتاب محاربة الفيبروميالجيا

محاربة الفيبروميالجيا.pdf الكاتبة خولة بوزياني المدققة اللغوية: بشرى دلهوم إعداد وإشراف : بشرى دلهوم الناشرة مجلة إيلزا الأدبية للإناث الطبعة الأولى: 2024

حوار صحفي مع الكاتب محمد بالحياني مع مجلة إيلزا الأدبية للإناث

حوار مع الكاتب والأستاذ محمد بالحياني المقدمة: هناك كُتّاب لا يكتبون لمجرد الكتابة، بل يحاولون أن يتركوا أثرًا، أن يحركوا شيئًا في القارئ، أن يجعلوا الكلمات مرآة تعكس واقعًا أو خيالًا يحمل بصماتهم الخاصة. محمد بالحياني، أحد هؤلاء الذين اختاروا أن يكون الحرف سلاحهم، والرؤية عماد نصوصهم. في هذا الحوار، نقترب من تجربته، نغوص في أفكاره، ونكشف أسرار رحلته الأدبية. المعلومات الشخصية: الاسم: محمد بالحياني السن:27سنة البلد:الجزائر- البيض الموهبة:كاتب الحوار: س/ مرحبا بك محمد تشرفنا باستضافتك معنا اليوم بداية كيف تعرف نفسك لجمهورك ومن يتابعك دون ذكر اسمك؟  ج/في الغالب أكون متحدث سيئ عن نفسي، لكن يمكنني أن أختصر بالفعل وأقول محمد عبد الكريم بلحياني ، من ولاية البيض بالضبط بلدية المحرة ، عاشق للكتابة ورائحة الكتب ، اعمل اداري للصحة العمومية ،  انسان مهووس بتفاصيل التفاصيل ، عاشق للكتابة وما يحيط بها من حالات متناغمة من الوحدة، الجمال، والتناسق مع الطبيعة ، كان اول مؤلف لي بعنوان الخامسة صباحًا الذي شاركت به في المعرض الدولي للكتاب سيلا 23  وثاني عمل كان رواية بعنوان بروخيريا التي ش...

( الشيروبيم) بقلم الكاتبة مروة صالح السورية

( الشيروبيم) مقدمة: في مكانٍ ما على سطح وجهها النقي ارتفعت الأمواج وأغرقت جُزراً بنية تحدّها شطآن وردية هذه الجزر التي لا نبحر إليها بل تبحر بنا إلى عالم لا يعرف الحروب ولا الجراح يقال إن الملائكة لا تُرى لكن هنا... ترسل السماء نوراً يجعل الزمن يحني رأسه إجلالاً لهذه اللحظة الخالدة التي سنشاهد فيها الشيروبيم يتجلى على هيئة ابتسامة تطوي المسافة بين الغرق والنجاة وتحيي الأمل في قلب كل من يؤمن بالأساطير وبأن حياةً جديدة قد تولد بعد الغرق النص: حين تبتسم تعلو أمواج خديها فتُغرق جُزر عينيها البنيتين وتُحلّق الفلامينغو من شطآن جفنيها الورديتين تلك الجزر وشطآنها التي تنقذني كلما واجهت تيارات بحر الحياة فأمكث بها لاكتشاف أساطير حبٍ جديدة حين تبتسم وفي منتصف شفتها العلوية يبسط طائر النورس جناحيه فتتوازن خطواتي وتتلاشى انكساراتي حين تضحك تدندن ضحكاتها على أوتار عمري فتصدر سمفونية سلام تنهي حروبًا وتشفي جراحًا لا علاقة لها بها حين تضحك تنكشف ثماني لآلئ بيضاء تنثر النور في ظلمات أيامي ويولد الفجر من جديد إنها ليست مجرد حركة شفاه... إنها لحظة خلود تتوقف عندها كل الأزمنة ومن رحم هذا السكون تُولد أع...