التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أسطورة "شاه ميران"بقلم الروائية د.حكيمة جعدوني

أسطورة "شاه ميران"

الروائية د.حكيمة جعدوني

سبع مقتطفات من قصة الأميرة "شاه ميران" 
أرني قلبك لأسكنه ..  

المقتطف الثامن

" الانتقام" 

جاءت لحظةُ الحسابِ  
مع مَن شوَّه فيها  
تلك الرُّوحَ الطاهرةَ البريئةَ  
وقتل فيها ثقتها بالآخرين  

ذهبت إلى بيتِ "جامساب"  
فوجدتْه في جمعٍ من النساء  
اللواتي اِلتففن حولَه  
لماله، فقتلتهنَّ جميعاً  

أمَّا اِنتقامها الأبشعُ  
فكانت تخبؤوه له  
فهي التي ظنَّته في يومٍ  
أنَّه حبيبها  

فبقدر ما كان حبّها  
كان كرهها  
وبقدر إخلاصها وتفانيها له  
كانت خيانته  

لدغته لدغةً قاتلةً  
وكأنها جمعت فيها  
كلَّ ما تركه في روحها  
من اِنكسار ووجعٍ  

فقد سمَّمها بخبثهِ  
وقتل قلبَها  
قبل أن تقتله هي.

المقتطف التاسع   

مات "جامساب" من لحظته،  
فألقت عليه نظرة أخيرةً؛  
كأنَّها تودّع حبّها فيه،  
وتقتل قلبها فيه.  

ثمَّ أخذت جثَّته؛  
بعد أن سلَّم أنفاسه الأخيرة،  
وذهبت به عائدةً  
إلى المكانِ الأولِ.  

حيث كان لقاؤهما الأول،  
حضنُها الأول،  
سكينتها الأولى وشوقها الأول.  
أخذته إلى الكهفِ،  

ومدَّدت جثته  
وتركته هناك،  
وراحت تراقب جسدَه  
كلَّ يومٍ وهو يضمر.  

شيئاً فشيئاً،  
يتحلَّل ويذوي  
حتى تلاشى،  
ولم يبقَ منه سوى العظام.  

تملَّك الحزن روحَ "شاه ميران"،  
وعصر الوجع فؤادها،  
فراحت تطوف كالشبحِ  
أطراف القرى المجاورة.  

تقتلُ وتخرِّبُ،  
علَّها بهذا تجبرُ  
بعضاً مما كُسر فيها،  
وتهدأ العاصفة داخلها.
مقتطف العاشر
  

في تلك الفترةِ  
كان أهلُ مملكة الجنِّ  
يبحثون عن ملكةٍ لمملكتهم،  

وكان فيها شابٌ قويٌ ووسيم،  
لكنهم أصرُّوا  
أنَّ العرشَ يجب أن تتسلَّمه اِمرأة؛  

فالنساءُ في نظرهم  
أقوى وأقدر وأدهى،  

تناءى إلى مسمعهم  
"شاه ميران"  
التي كانوا يسمعون  
بقصصِ قتلها للناسِ الأشرار،  

فسلَّموها العرشَ  
بعد أن تزوجت  
بذلك المحارب الباسل.  

أحبها زوجُها  
وعشقها؛  
لجمالها وسحرها وقوتها،  
التي كانت تكبر كلَّ يومٍ،  

لكنَّ قلبَ "شاه ميران"  
كان فارغاً،  
لا يملؤه إلا الحزن  
والخذلان وخيبة الأمل،  

فما كانت تظنُّه  
هي الحبُّ الأول،  
ما كان إلا الطعنةُ الأولى  
والموت الأول،  

فهي تعيشُ  
منذ ذلك الوقت  
بلا روح،  
فروحها دفنتها  
مع مَن لم يُقدِّر  
حبَّها وتضحيتها.

المقتطف الحادي عشر

لاحظ زوجها برودها تجاهه،  
وغيابها المتواصل عن القصر،  
وحين تكرر ذلك  
قرر أن يراقبها،  

يتبع أثر خطواتها الغامضة،  
لعلّه يفهم سرّ  
إطراقها الدائم وحزنها الأصيل.  

وحين وصل إلى الكهف،  
وجد آثار عظام بالية،  
ففهم أن صاحب هذه الرفات  
كان يحتل قلب زوجته،  

وأنه - رغم الموت -  
لم يغب عن عالمها،  
فاشتعلت الغيرة في أحشائه،  
وأحاط بالرفات غضباً،  

ثم عاد إلى القصر  
والقهر يلهب صدره.  

وحين أدركت "شاه ميران"  
ما فعله زوجها،  
- فهي بقدرتها الخارقة  
ترى ما لا يراه البشر -  

دعته للقيام  
بآخر ليلة بينهما،  
فقضيا ليلة  
كأنها من الحلم،  

وكهدية وداعية،  
لدغته لدغة قاتلة،  
انتقاماً لرفات "جامساب"،  
ولقلبها الذي حطمه مرتين.

المقتطف الثاني عشر

،؛،إنه الوفاء الأعمى،؛،  

انتقمت "شاه ميران" من زوجها  
على فعلته،  
فعلى الرغم من خيانة 
حبيبها "جامساب"،  
إلا أنها بقتل زوجها  
انتصرت لوفائها وإخلاصها  
لحبها الأول.  

،؛، فللحب الأول؛ قوة لا يوازيها أي حب بعده ،؛،  
قتلت حبيبها "جامساب" انتقاماً لخيانته،  
وقتلت زوجها لتنتصر لذكرياتها.  

حين سمع أهل المملكة 
بما فعلت بالملك  
وتنبهوا لما قامت به؛  
تتبعوا ما حدث في كل القرى؛  
من القتل والخراب الذي أحدثته،  
وعرفوا قصتها مع الشاب "جامساب"،  

ولكنهم لم يكونوا 
ليفعلوا شيئاً حيال ذلك،  
بسبب قوتها وجبروتها،  
واتساع سطوتها ونفوذها.  

وما انفكت تلك العادة تلازمها؛  
فقد كانت تزور ما بقي لها منه كل يوم؛  
فروحها لا تسكن إلا بقرب بقايا عظامه،  

حتى نحل جسدها حزناً،  
وضعفت قوتها  
وأخذت منها ذكراه؛  
كل رغبة في المقاومة.  

المقتطف الثالث عشر:

اِستسلمت لذلك الضعف والحزن؛ 
اللذان حلَّا بروحها قبل جسدها، 
وعلى بعدِ خطواتٍ من الأنفاس الأخيرةِ؛ أوصت بأن تُخلَّد ذكرى حبيبها "جامساب" ، 
وذكرى حبهما في تلك القرية، 
فأمرت أهلَ مملكتها بإقامة تماثيلَ لهما؛ لتحفظَ فيها ذكرى تضحيتها، 
وأمرت أن تُزيَّن هذه التماثيل 
بما ندر وجَمُل من الجواهرِ واللالئِ، 
حتى صارت رمزاً للجمالِ، 
تُبهرُ عينيَّ كلّ مَن يراه، 
وأوصت بأن يتعاملوا معها حين يزورونها بكلِّ قداسةٍ وتبجيلٍ، 

وحذَّرتهم من أنَّ الأرواحَ 
ستعاقب كلَّ مَن لا يحترمها 
ولا تقعُ في نفسه هيبةُ قدسيَّتهما
بلدغه وقتله.

المقتطف الرابع عشر:

مات "جامساب" 
ولكنَّه خَلد وعاش 
في قلبِ "شاه ميران" وروحها وعقلها،

 وحين تحرَّرت روحُها؛ 
رفرفت وطافت لتَحلَّ في ذلك التمثال، فخلدت حكايتهما، 
وخلدَ ذكرهما إلى الأبدِ.

،؛،وما زالت قصةُ ذلك العشقِ، تروى في كلِّ أرجاء تركيا حتى يومنا هذا.،؛،

النهاية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار صحفي مع الكاتب محمد بالحياني مع مجلة إيلزا الأدبية للإناث

حوار مع الكاتب والأستاذ محمد بالحياني المقدمة: هناك كُتّاب لا يكتبون لمجرد الكتابة، بل يحاولون أن يتركوا أثرًا، أن يحركوا شيئًا في القارئ، أن يجعلوا الكلمات مرآة تعكس واقعًا أو خيالًا يحمل بصماتهم الخاصة. محمد بالحياني، أحد هؤلاء الذين اختاروا أن يكون الحرف سلاحهم، والرؤية عماد نصوصهم. في هذا الحوار، نقترب من تجربته، نغوص في أفكاره، ونكشف أسرار رحلته الأدبية. المعلومات الشخصية: الاسم: محمد بالحياني السن:27سنة البلد:الجزائر- البيض الموهبة:كاتب الحوار: س/ مرحبا بك محمد تشرفنا باستضافتك معنا اليوم بداية كيف تعرف نفسك لجمهورك ومن يتابعك دون ذكر اسمك؟  ج/في الغالب أكون متحدث سيئ عن نفسي، لكن يمكنني أن أختصر بالفعل وأقول محمد عبد الكريم بلحياني ، من ولاية البيض بالضبط بلدية المحرة ، عاشق للكتابة ورائحة الكتب ، اعمل اداري للصحة العمومية ،  انسان مهووس بتفاصيل التفاصيل ، عاشق للكتابة وما يحيط بها من حالات متناغمة من الوحدة، الجمال، والتناسق مع الطبيعة ، كان اول مؤلف لي بعنوان الخامسة صباحًا الذي شاركت به في المعرض الدولي للكتاب سيلا 23  وثاني عمل كان رواية بعنوان بروخيريا التي ش...

( الشيروبيم) بقلم الكاتبة مروة صالح السورية

( الشيروبيم) مقدمة: في مكانٍ ما على سطح وجهها النقي ارتفعت الأمواج وأغرقت جُزراً بنية تحدّها شطآن وردية هذه الجزر التي لا نبحر إليها بل تبحر بنا إلى عالم لا يعرف الحروب ولا الجراح يقال إن الملائكة لا تُرى لكن هنا... ترسل السماء نوراً يجعل الزمن يحني رأسه إجلالاً لهذه اللحظة الخالدة التي سنشاهد فيها الشيروبيم يتجلى على هيئة ابتسامة تطوي المسافة بين الغرق والنجاة وتحيي الأمل في قلب كل من يؤمن بالأساطير وبأن حياةً جديدة قد تولد بعد الغرق النص: حين تبتسم تعلو أمواج خديها فتُغرق جُزر عينيها البنيتين وتُحلّق الفلامينغو من شطآن جفنيها الورديتين تلك الجزر وشطآنها التي تنقذني كلما واجهت تيارات بحر الحياة فأمكث بها لاكتشاف أساطير حبٍ جديدة حين تبتسم وفي منتصف شفتها العلوية يبسط طائر النورس جناحيه فتتوازن خطواتي وتتلاشى انكساراتي حين تضحك تدندن ضحكاتها على أوتار عمري فتصدر سمفونية سلام تنهي حروبًا وتشفي جراحًا لا علاقة لها بها حين تضحك تنكشف ثماني لآلئ بيضاء تنثر النور في ظلمات أيامي ويولد الفجر من جديد إنها ليست مجرد حركة شفاه... إنها لحظة خلود تتوقف عندها كل الأزمنة ومن رحم هذا السكون تُولد أع...

ركلة جزاء.pdf

 عنوان الكتاب : ركلة جزاء  مجموعة مؤلفين  إشراف وتدقيق : بشرى دلهوم تصميم وتنسيق : بشرى دلهوم  الناشرة :مجلة إيلزا الأدبية للإناث سنة النشر : 21جانفي 2025 لتحميل الملف اضغط هنا  ركلة جزاء.pdf