أزهري أينما حللتِ
التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هكذا تكسر القوارير بقلم عبير العبد الله

هكذا تُكسَر القوارير

كانت تئن من الألم...
حامل في ساعاتها الأخيرة، والوجع ينهش قلبها قبل جسدها.
لم تكن ولادةً عادية، بل نتيجة ضربٍ مبرّح، خَلّفَ جسدًا غارقًا في الكدمات، وقلبًا يترنّح بين الحياة والموت.

أنجبت طفلًا جميلاً، ضمّته إليها بكل ما بقي فيها من روح.
لكن شيئًا ما في تنفسه لم يكن طبيعيًا.
قالت للممرضة بخوف: "ابني يختنق..."
أخذوه منها مسرعين، وأُدخل غرفة الإنعاش.

قالوا لها: "سيخرج غدًا..."
لكن الغد مرّ، وتلاه غدٌ آخر، وطفلها لم يأتِ.
كانت تنتظره كل صباح، تسأل وتعود خائبة.

حتى تسلل اليأس إلى عينيها.
ذهبت بنفسها، رغم ضعفها، لتراه.
وظلّت بجانبه، تسهر عليه وتسند من حولها، حتى خارت قواها وغفت.

استفاقت مفزوعة وهي تهمس:
"ابني سيموت... بعد هذا الطفل، ثم ذاك... وابني سيكون الأخير."
كأن الموت مرّ بجانبها وترك لها نبوءة.

وعندما حان دوره، لم تصرخ.
جمدت ملامحها، ودموعها تسيل بهدوء وهي تردد:
"الحمد لله..."

كانت تحتاج حضنًا تبكي فيه،
تحتاج أن تركع على الأرض وتنهار،
لكنها وقفت، رغم انكسارها.

وحين وقعت عيناها على زوجها، لم ترَ فيه شريكًا،
بل رأت فيه يدًا ساهمت في الوجع،
فهمست بقهر:
"أهذا من قَتل طفلي؟
أهذا من أطفأ نور قلبي؟"

ثم نظرت في البعيد وقالت:
"أيها الآباء...
لا تتركوهنّ يمضين إلى مصير لا يليق بهن.
بناتكم أمانة، فلا تسلموهنّ للهاوية باسم النصيب."

> بقلمي: عبير العبدالله

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كتاب محاربة الفيبروميالجيا

محاربة الفيبروميالجيا.pdf الكاتبة خولة بوزياني المدققة اللغوية: بشرى دلهوم إعداد وإشراف : بشرى دلهوم الناشرة مجلة إيلزا الأدبية للإناث الطبعة الأولى: 2024

حوار صحفي مع الكاتب محمد بالحياني مع مجلة إيلزا الأدبية للإناث

حوار مع الكاتب والأستاذ محمد بالحياني المقدمة: هناك كُتّاب لا يكتبون لمجرد الكتابة، بل يحاولون أن يتركوا أثرًا، أن يحركوا شيئًا في القارئ، أن يجعلوا الكلمات مرآة تعكس واقعًا أو خيالًا يحمل بصماتهم الخاصة. محمد بالحياني، أحد هؤلاء الذين اختاروا أن يكون الحرف سلاحهم، والرؤية عماد نصوصهم. في هذا الحوار، نقترب من تجربته، نغوص في أفكاره، ونكشف أسرار رحلته الأدبية. المعلومات الشخصية: الاسم: محمد بالحياني السن:27سنة البلد:الجزائر- البيض الموهبة:كاتب الحوار: س/ مرحبا بك محمد تشرفنا باستضافتك معنا اليوم بداية كيف تعرف نفسك لجمهورك ومن يتابعك دون ذكر اسمك؟  ج/في الغالب أكون متحدث سيئ عن نفسي، لكن يمكنني أن أختصر بالفعل وأقول محمد عبد الكريم بلحياني ، من ولاية البيض بالضبط بلدية المحرة ، عاشق للكتابة ورائحة الكتب ، اعمل اداري للصحة العمومية ،  انسان مهووس بتفاصيل التفاصيل ، عاشق للكتابة وما يحيط بها من حالات متناغمة من الوحدة، الجمال، والتناسق مع الطبيعة ، كان اول مؤلف لي بعنوان الخامسة صباحًا الذي شاركت به في المعرض الدولي للكتاب سيلا 23  وثاني عمل كان رواية بعنوان بروخيريا التي ش...

( الشيروبيم) بقلم الكاتبة مروة صالح السورية

( الشيروبيم) مقدمة: في مكانٍ ما على سطح وجهها النقي ارتفعت الأمواج وأغرقت جُزراً بنية تحدّها شطآن وردية هذه الجزر التي لا نبحر إليها بل تبحر بنا إلى عالم لا يعرف الحروب ولا الجراح يقال إن الملائكة لا تُرى لكن هنا... ترسل السماء نوراً يجعل الزمن يحني رأسه إجلالاً لهذه اللحظة الخالدة التي سنشاهد فيها الشيروبيم يتجلى على هيئة ابتسامة تطوي المسافة بين الغرق والنجاة وتحيي الأمل في قلب كل من يؤمن بالأساطير وبأن حياةً جديدة قد تولد بعد الغرق النص: حين تبتسم تعلو أمواج خديها فتُغرق جُزر عينيها البنيتين وتُحلّق الفلامينغو من شطآن جفنيها الورديتين تلك الجزر وشطآنها التي تنقذني كلما واجهت تيارات بحر الحياة فأمكث بها لاكتشاف أساطير حبٍ جديدة حين تبتسم وفي منتصف شفتها العلوية يبسط طائر النورس جناحيه فتتوازن خطواتي وتتلاشى انكساراتي حين تضحك تدندن ضحكاتها على أوتار عمري فتصدر سمفونية سلام تنهي حروبًا وتشفي جراحًا لا علاقة لها بها حين تضحك تنكشف ثماني لآلئ بيضاء تنثر النور في ظلمات أيامي ويولد الفجر من جديد إنها ليست مجرد حركة شفاه... إنها لحظة خلود تتوقف عندها كل الأزمنة ومن رحم هذا السكون تُولد أع...