هكذا تُكسَر القوارير
كانت تئن من الألم...
حامل في ساعاتها الأخيرة، والوجع ينهش قلبها قبل جسدها.
لم تكن ولادةً عادية، بل نتيجة ضربٍ مبرّح، خَلّفَ جسدًا غارقًا في الكدمات، وقلبًا يترنّح بين الحياة والموت.
أنجبت طفلًا جميلاً، ضمّته إليها بكل ما بقي فيها من روح.
لكن شيئًا ما في تنفسه لم يكن طبيعيًا.
قالت للممرضة بخوف: "ابني يختنق..."
أخذوه منها مسرعين، وأُدخل غرفة الإنعاش.
قالوا لها: "سيخرج غدًا..."
لكن الغد مرّ، وتلاه غدٌ آخر، وطفلها لم يأتِ.
كانت تنتظره كل صباح، تسأل وتعود خائبة.
حتى تسلل اليأس إلى عينيها.
ذهبت بنفسها، رغم ضعفها، لتراه.
وظلّت بجانبه، تسهر عليه وتسند من حولها، حتى خارت قواها وغفت.
استفاقت مفزوعة وهي تهمس:
"ابني سيموت... بعد هذا الطفل، ثم ذاك... وابني سيكون الأخير."
كأن الموت مرّ بجانبها وترك لها نبوءة.
وعندما حان دوره، لم تصرخ.
جمدت ملامحها، ودموعها تسيل بهدوء وهي تردد:
"الحمد لله..."
كانت تحتاج حضنًا تبكي فيه،
تحتاج أن تركع على الأرض وتنهار،
لكنها وقفت، رغم انكسارها.
وحين وقعت عيناها على زوجها، لم ترَ فيه شريكًا،
بل رأت فيه يدًا ساهمت في الوجع،
فهمست بقهر:
"أهذا من قَتل طفلي؟
أهذا من أطفأ نور قلبي؟"
ثم نظرت في البعيد وقالت:
"أيها الآباء...
لا تتركوهنّ يمضين إلى مصير لا يليق بهن.
بناتكم أمانة، فلا تسلموهنّ للهاوية باسم النصيب."
> بقلمي: عبير العبدالله
تعليقات
إرسال تعليق