التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رهان الظل بقلم الكاتبة العراقية عبير ال عبدالله

‏رهان الظل
‏عندما تمتدّ أجنحةُ الظلامِ في السماءِ،
‏وتبدأ العيونُ تومض في عمق السواد…
‏أشعر بأصابعَ دخانيةٍ
‏تحاول التسلّل إلى رأسي،
‏كأنها أنيابٌ،
‏تغرس في فؤادي أسئلةً دامية:
‏من أنتِ؟
‏ماذا أصبحتِ؟
‏أين تقفين؟
‏لقد خسرتِ معركتك…
‏لا أحد معكِ.
‏أنتِ وحدكِ من تقاوِمين…
‏استسلمي.
‏أنتِ لا شيء.
‏وحيدة، غريبة،
‏لا أحد سيمسحُ دموعك،
‏ولا أحد سيُداوي جراحك،
‏كلّ من حولكِ صمّ…
‏لا يأبهون بكِ.
‏أنتِ تتآكلين كما يتآكل الحديد،
‏حتى دموعك جفّت…
‏وبدأ اليأس ينهش ما تبقى منكِ.
‏أنتِ ستصبحين قطعةً مني.
‏ابتعد!
‏أصرخ وأنا ألوّح بيدي للهواء.
‏من أنت؟ ولماذا تُلاحقني؟
‏– أنا أنتِ.
‏أنا هواجسكِ،
‏أنا خذلانكِ،
‏أنا تلك الخسارات التي دفنتِها في داخلك،
‏ولم تبوحي بها لأحد،
‏خوفًا من أن يُستضعفوكِ.
‏لكنّك أضعفتِ نفسكِ…
‏كتمتِ دموعك، كتمتِ الألم،
‏حتى وهنتِ.
‏لم تعودي كما كنتِ.
‏اعترفي.
‏– كلا! لن أعترف.
‏أنا ما زلتُ قويّة،
‏أنت تحاول أن تُضعفني.
‏– أضعافك؟
‏أنتِ بالفعل واهنة.
‏إن تنازلتِ لي،
‏ستهْدأ روحكِ.
‏– لن أتنازل.
‏سأقاوم كلّ هواجسي.
‏من أنت لتأمرني بالسكون؟
‏– أنا ظلك،
‏تحوّلتُ إلى وحشٍ
‏من كثرة الألم الذي حملتِه في صدرك.
‏كفى…
‏ارحمي نفسكِ، وتنازلي.
‏– لكن إن تنازلت… سأموت!
‏– ألستِ ميتةً بالفعل؟
‏ألم تقولي إنكِ وحدكِ؟
‏ما من أحدٍ يسندكِ إن وقعتِ.
‏– نعم… قلتُ ذلك.
‏لكني سأحاول الوقوف…
‏حتى لو وحدي.
‏– لا تحاولي.
‏انتهت محاولاتكِ.
‏– كلا!
‏سأحاول…
‏حتى لو كان هذا آخر يومٍ لي.
‏– أذيتِ نفسكِ بالأمل.
‏لمثلكِ لم يُخلق الأمل.
‏لمثلكِ لم يُخلق التفاؤل.
‏– لكنّي أكتب…
‏وحروفي تنبضُ بالحياة،
‏تصرخ داخلي وتُعلن أنني موجودة…
‏أنني أتنفّس.
‏تلك الحروف،
‏التي تراها صمّاء،
‏هي متنفّسي،
‏أملي،
‏وصديقي الذي لم يغدر بي.
‏وذلك القلم…
‏هو وريدي،
‏يستمدّ حبْره مني.
‏وتلك الأوراق…
‏كعقلي وقلبي،
‏أودّ أن أملأها بدواويني،
‏أودّ أن أكتب "ديوان الأمل".
‏ابتعدي، يا ظلال هواجسي،
‏لن أمنحكِ أكثر مما أخذتِ.
‏ربما أفشل،
‏ربما أسقط،
‏لكنني لن أكفّ عن المحاولة.
‏لن أعدكِ أنني سأصل غدًا،
‏لكنني، بكلّ هذا الألم،
‏سأواصل البحث عن طريقي.
‏وسأحوّل ظلكِ الأسود،
‏إلى ظلٍّ مفعمٍ بالنور،
‏يمدّني بطاقته…
‏وسأزهو.
‏سيبدأ الرهان إذًا…
‏وعلى ماذا الرهان؟
‏على روحي.
‏– سأدخلك عالمي،
‏سأجعلكِ خاويةً من الأمل،
‏وأقتل تلك الحروف التي تدّعين أنها سندك.
‏– أنا موافقة.
‏لكنّك ستخسر.
‏سأغرس خنجري فيك،
‏وإن قتلتني…
‏ستموت.
‏أما أنا،
‏فإنني،
‏رغم كلّ شيء…
‏سأعيش.
عبير ال عبدالله /العراق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار صحفي مع الكاتب محمد بالحياني مع مجلة إيلزا الأدبية للإناث

حوار مع الكاتب والأستاذ محمد بالحياني المقدمة: هناك كُتّاب لا يكتبون لمجرد الكتابة، بل يحاولون أن يتركوا أثرًا، أن يحركوا شيئًا في القارئ، أن يجعلوا الكلمات مرآة تعكس واقعًا أو خيالًا يحمل بصماتهم الخاصة. محمد بالحياني، أحد هؤلاء الذين اختاروا أن يكون الحرف سلاحهم، والرؤية عماد نصوصهم. في هذا الحوار، نقترب من تجربته، نغوص في أفكاره، ونكشف أسرار رحلته الأدبية. المعلومات الشخصية: الاسم: محمد بالحياني السن:27سنة البلد:الجزائر- البيض الموهبة:كاتب الحوار: س/ مرحبا بك محمد تشرفنا باستضافتك معنا اليوم بداية كيف تعرف نفسك لجمهورك ومن يتابعك دون ذكر اسمك؟  ج/في الغالب أكون متحدث سيئ عن نفسي، لكن يمكنني أن أختصر بالفعل وأقول محمد عبد الكريم بلحياني ، من ولاية البيض بالضبط بلدية المحرة ، عاشق للكتابة ورائحة الكتب ، اعمل اداري للصحة العمومية ،  انسان مهووس بتفاصيل التفاصيل ، عاشق للكتابة وما يحيط بها من حالات متناغمة من الوحدة، الجمال، والتناسق مع الطبيعة ، كان اول مؤلف لي بعنوان الخامسة صباحًا الذي شاركت به في المعرض الدولي للكتاب سيلا 23  وثاني عمل كان رواية بعنوان بروخيريا التي ش...

( الشيروبيم) بقلم الكاتبة مروة صالح السورية

( الشيروبيم) مقدمة: في مكانٍ ما على سطح وجهها النقي ارتفعت الأمواج وأغرقت جُزراً بنية تحدّها شطآن وردية هذه الجزر التي لا نبحر إليها بل تبحر بنا إلى عالم لا يعرف الحروب ولا الجراح يقال إن الملائكة لا تُرى لكن هنا... ترسل السماء نوراً يجعل الزمن يحني رأسه إجلالاً لهذه اللحظة الخالدة التي سنشاهد فيها الشيروبيم يتجلى على هيئة ابتسامة تطوي المسافة بين الغرق والنجاة وتحيي الأمل في قلب كل من يؤمن بالأساطير وبأن حياةً جديدة قد تولد بعد الغرق النص: حين تبتسم تعلو أمواج خديها فتُغرق جُزر عينيها البنيتين وتُحلّق الفلامينغو من شطآن جفنيها الورديتين تلك الجزر وشطآنها التي تنقذني كلما واجهت تيارات بحر الحياة فأمكث بها لاكتشاف أساطير حبٍ جديدة حين تبتسم وفي منتصف شفتها العلوية يبسط طائر النورس جناحيه فتتوازن خطواتي وتتلاشى انكساراتي حين تضحك تدندن ضحكاتها على أوتار عمري فتصدر سمفونية سلام تنهي حروبًا وتشفي جراحًا لا علاقة لها بها حين تضحك تنكشف ثماني لآلئ بيضاء تنثر النور في ظلمات أيامي ويولد الفجر من جديد إنها ليست مجرد حركة شفاه... إنها لحظة خلود تتوقف عندها كل الأزمنة ومن رحم هذا السكون تُولد أع...

ركلة جزاء.pdf

 عنوان الكتاب : ركلة جزاء  مجموعة مؤلفين  إشراف وتدقيق : بشرى دلهوم تصميم وتنسيق : بشرى دلهوم  الناشرة :مجلة إيلزا الأدبية للإناث سنة النشر : 21جانفي 2025 لتحميل الملف اضغط هنا  ركلة جزاء.pdf