رهان الظل
عندما تمتدّ أجنحةُ الظلامِ في السماءِ،
وتبدأ العيونُ تومض في عمق السواد…
أشعر بأصابعَ دخانيةٍ
تحاول التسلّل إلى رأسي،
كأنها أنيابٌ،
تغرس في فؤادي أسئلةً دامية:
من أنتِ؟
ماذا أصبحتِ؟
أين تقفين؟
لقد خسرتِ معركتك…
لا أحد معكِ.
أنتِ وحدكِ من تقاوِمين…
استسلمي.
أنتِ لا شيء.
وحيدة، غريبة،
لا أحد سيمسحُ دموعك،
ولا أحد سيُداوي جراحك،
كلّ من حولكِ صمّ…
لا يأبهون بكِ.
أنتِ تتآكلين كما يتآكل الحديد،
حتى دموعك جفّت…
وبدأ اليأس ينهش ما تبقى منكِ.
أنتِ ستصبحين قطعةً مني.
ابتعد!
أصرخ وأنا ألوّح بيدي للهواء.
من أنت؟ ولماذا تُلاحقني؟
– أنا أنتِ.
أنا هواجسكِ،
أنا خذلانكِ،
أنا تلك الخسارات التي دفنتِها في داخلك،
ولم تبوحي بها لأحد،
خوفًا من أن يُستضعفوكِ.
لكنّك أضعفتِ نفسكِ…
كتمتِ دموعك، كتمتِ الألم،
حتى وهنتِ.
لم تعودي كما كنتِ.
اعترفي.
– كلا! لن أعترف.
أنا ما زلتُ قويّة،
أنت تحاول أن تُضعفني.
– أضعافك؟
أنتِ بالفعل واهنة.
إن تنازلتِ لي،
ستهْدأ روحكِ.
– لن أتنازل.
سأقاوم كلّ هواجسي.
من أنت لتأمرني بالسكون؟
– أنا ظلك،
تحوّلتُ إلى وحشٍ
من كثرة الألم الذي حملتِه في صدرك.
كفى…
ارحمي نفسكِ، وتنازلي.
– لكن إن تنازلت… سأموت!
– ألستِ ميتةً بالفعل؟
ألم تقولي إنكِ وحدكِ؟
ما من أحدٍ يسندكِ إن وقعتِ.
– نعم… قلتُ ذلك.
لكني سأحاول الوقوف…
حتى لو وحدي.
– لا تحاولي.
انتهت محاولاتكِ.
– كلا!
سأحاول…
حتى لو كان هذا آخر يومٍ لي.
– أذيتِ نفسكِ بالأمل.
لمثلكِ لم يُخلق الأمل.
لمثلكِ لم يُخلق التفاؤل.
– لكنّي أكتب…
وحروفي تنبضُ بالحياة،
تصرخ داخلي وتُعلن أنني موجودة…
أنني أتنفّس.
تلك الحروف،
التي تراها صمّاء،
هي متنفّسي،
أملي،
وصديقي الذي لم يغدر بي.
وذلك القلم…
هو وريدي،
يستمدّ حبْره مني.
وتلك الأوراق…
كعقلي وقلبي،
أودّ أن أملأها بدواويني،
أودّ أن أكتب "ديوان الأمل".
ابتعدي، يا ظلال هواجسي،
لن أمنحكِ أكثر مما أخذتِ.
ربما أفشل،
ربما أسقط،
لكنني لن أكفّ عن المحاولة.
لن أعدكِ أنني سأصل غدًا،
لكنني، بكلّ هذا الألم،
سأواصل البحث عن طريقي.
وسأحوّل ظلكِ الأسود،
إلى ظلٍّ مفعمٍ بالنور،
يمدّني بطاقته…
وسأزهو.
سيبدأ الرهان إذًا…
وعلى ماذا الرهان؟
على روحي.
– سأدخلك عالمي،
سأجعلكِ خاويةً من الأمل،
وأقتل تلك الحروف التي تدّعين أنها سندك.
– أنا موافقة.
لكنّك ستخسر.
سأغرس خنجري فيك،
وإن قتلتني…
ستموت.
أما أنا،
فإنني،
رغم كلّ شيء…
سأعيش.
عبير ال عبدالله /العراق
تعليقات
إرسال تعليق