سالي… الفتاة التي اختارت أن تحب الحياة
لم تكن البطلة الخارقة، ولا تلك التي تعرف دومًا ماذا تريد.
كانت فقط فتاة تحمل في قلبها الكثير من التساؤلات،
وفي عينيها حلم صغير: أن تعيش بسلام، دون ضجيج، دون وجع.
مرّت بأيام شعرت فيها أن كل شيء يتهاوى بداخلها،
أن العالم من حولها يركض، وهي بالكاد تستطيع الوقوف.
لكنها كانت، دائمًا، تختار أن تقف… حتى وإن ارتجفت قدماها.
تبكي بصمت، تمسح دموعها، وتنظر لنفسها في المرآة،
تقول بهمس: "سالي… أنت قادرة، ولو بعد حين".
لم تكن تدّعي القوة، بل كانت تصنعها في كل مرة انكسرت فيها.
تعلمت من الحياة ألا تنتظر اللحظات المثالية،
بل أن تخلق من فوضى قلبها وردة، ومن برد الشتاء دفئًا، ومن التعب ضحكة،
ومن الظلمة بصيص نور، تعرف كيف تلحقه حتى وإن أُطفئت كل الأنوار.
كانت صديقتها الأولى والأوفى…
تحتضن قلبها حين يتألم، وتربت عليه كأم،
تؤمن أن ما مرّ بها لم يأتِ عبثًا،
بل كان يرسم بداخلها امرأة تنمو على مهل…
امرأة تتقن فن حب الحياة، حتى حين لا تكون الحياة عادلة معها.
أحبّت الرحلة أكثر من الوصول،
أحبت الدروب غير المعبدة، والممرات التي لا يراها الآخرون.
في كل صباح كانت تفتح نافذتها، تترك للشمس طريقًا لقلبها،
وترتّب شعرها بعد البكاء كأنها تقول: "ما زال في هذا اليوم فرصة أخرى لأحبني من جديد."
كانت تسير أحيانًا بلا وجهة،
تركب دراجتها،وشعرها يتطاير كأنّه يعانق النسيم، تربط في السلة الأمامية بالوناتٍ ملوّنة 🎈 تُشبه قلبها؛ و تهمس للريح: "خذيني حيث أستحق"
تغني، وتضحك، وتلوّح للفراغ،
وكأنها تملأه بحضورها الذي صار أعمق من أن يُرى.
هي سالي… التي لم تبحث يومًا عن الكمال،
بل سعت لحياة بسيطة، صادقة، تحضنها كما هي، دون أقنعة ولا تنازلات.
واليوم، حين تنظر خلفها، لا تندم…
فكل ألم علّمها كيف تحب، وكل خيبة زرعت فيها وعيًا،
وكل حب، حتى وإن غاب، ترك أثرًا دافئًا في روحها.
هي تتغير، تنمو، تُزهر من جديد…
تحب الحياة بكل ما فيها، تمضي بخطى هادئة،
وتحمل في قلبها جملة واحدة تُلخص كل رحلتها:
"ما زال في قلبي متّسع للفرح."
بورغيدة كوثر /الجزائر
تعليقات
إرسال تعليق