"غزّة، الجُرح المفتوح"

غزَّةُ، يا مَدينةَ الدَّمِ والصَّمودِ، كيفَ للبحرِ أن يحتملَ هذا الحُزنَ في عيونِكِ؟
تَصحينَ على القَصفِ، وتَنامينَ على حكاياتِ الشُّهداءِ، وكأنَّ الحياةَ خُطَّتْ على حوافِّ الرُّكامِ.
يَعبُرُ الرُّعبُ أزقَّتَكِ، وتَصمُتُ الدُّنيا حينَ يَصرخُ طفلٌ يبحثُ عن أُمِّه تحتَ الأنقاضِ.
كُلُّ بيتٍ فيكِ مرَّ عليهِ دَمارٌ، وكلُّ روحٍ فيكِ ذاقتِ الفقدَ مرّتينِ.
أَيُّ قَلبٍ هذا الذي يَسكنُكِ؟ لا يَخفِقُ إلّا بالمقاومةِ، ولا يَحيا إلّا بالعُنفوانِ.
يَقولونَ: غزّةُ تَشتعلُ، ولا يَدرونَ أنّها لم تَنطفئْ يومًا لتَشتعلَ من جديدٍ.
فيكِ تُولدُ الأحلامُ من بينِ الرُّكامِ، وتَنبُتُ الورودُ في شقوقِ الجِدارِ.
الأمُّ تُشيّعُ أبناءَها وتَبتسمُ، لأنَّها عَرفتْ أنَّ فِلسطينَ لا تُحرَّرُ بالبُكاءِ.
والأبُ يَحملُ حُزنَه كَسيفٍ، يَركضُ بهِ نحوَ النَّصرِ، لا نحوَ النَّسيانِ.
غزّةُ، فيكِ يموتُ اللَّيلُ على أَعتابِ الأملِ، وتَنهضُ الشمسُ من تحتِ الظُّلامِ.
ما أَوجعَ أن تُحاصَرَ الأحلامُ في مَهدِها، وتُقتلَ الأماني قَبلَ أن تَكتملَ.
ولكنَّكِ، لا تَرضَخينَ، لا تُساومينَ، لا تُفرّطينَ.
تُقاتلينَ بالرَّغيفِ، بالماءِ، بالصَّبرِ، وبالدُّعاءِ.
فلسطينُ تَعيشُ فيكِ، وتَحيا من خلالِكِ، وتَحترقُ معكِ، ثمَّ تُزهرُ.
سلامٌ عليكِ يا غزّة، وسلامٌ على مَن بَقِيَ فيكِ واقفًا رغمَ انكسارِ السَّماء.
الكاتبة: ورود نبيل- الأردن
تعليقات
إرسال تعليق