...ترانيمٌ صامتةٌ.
خربشاتٌ على الوجوهِ المحنّطة،مِعولٌ ينخرُ في العظم،أيادٍ ممتدة إلى هنا....بل إلى هناك تقطفُ حبّات رمّانٍ مشققة لخريف عام من أعوام غريب أعرفه،سكن احدى غرف صدري المهترئة.
نجلس بالمقهى النائي، بزاوية الشارع الرّطبة ،نتبادل خيوطَ الحديث الجذلانِ ننسُجُ الحكايا... تلو الحكايا.أتحدثُ عن ثورة بداخلي اجْتثَتْ روحًا وأبقتْ على قلعة جسدٍ مكابرٍ يشهدُ أنني كنت مغامرًا.
يصغي إليَّ باهتمامٍ ،يهزُّ رأسَه مُؤيدًا:
-أسعارُ السُوق والموت صارت واحدة ،أفلا تسمحُ لي بسيجارة تعدّلُ المزاجَ وتَهتِكُ قدسيةَ الحلمِ بشراييني ؟!
- أتراهُ معي؟ أم أنا الغائب؟!
أقلبُ الصفحةالمائةَ بعد الألف... من كتاب العمر الرثِّ بيدي ،أَعْبرُ فيه منذ طفولتي،تأبى سطورُه وأوراقُه النديّة أن تحترقَ أو تُهشّمَ ذاكرتي أو تطعنَ بخنجرِ الأسى خاصرتي ،فأرتاح من مطاردةأطيافِ جنّياتٍ مترنِّحةٍ ثملةٍ ترقص على ترانيمِها الصاخبةِ بغرفتي كل ليلة...تجثو على صدري العليل من رصاص وقنابلَ وورود الأحبة الذابلة.
شعاعٌ دافئٌ يلامسُ جسدي فيرتعش ويتكأ على هيكل العمر الرّماد، وينسى منسَأتَهُ بيد سليمانَ ، وأجدني لا زلتُ أقرأُ من قبل مولدي الصفحة الأولى من كتابي الخرافي ،مردةٌ وشياطين...والهدهدُ يغويني بأن ذاك هو...صرح بلقيس بالعراق مغتالة على يد عربي، وأنَّ زانوبيا كذبة بتدمُرَ،حينها عرفتُ أن في السّراديبِ تُهانُ الملكات،هكذا تعلّمتُ من كتبِ التاريخِ أن مجزرةَ الحُسينِ بطلتها غادةٌ من كربلاءَ.
لمسات بيانية
تعليقات
إرسال تعليق