قراءة نقذية لرواية شهيا كالفراق لأحلام مستغانمي
قراءة نقدية لرواية “شهياً كالفراق” لأحلام مستغانمي
المقدمة:
“شهياً كالفراق” هي عمل روائي يتموضع في منطقة بين السيرة الذاتية والحوار الداخلي العاطفي، كتبتها مستغانمي بأسلوبها المألوف الذي يتقاطع فيه الحب والسياسة والهوية. الرواية تُعتبر استمراراً لتجربتها الأدبية السابقة التي بدأت مع “ذاكرة الجسد”، وتستكمل فيها طرح ثيمات الحنين، والخذلان، والحب المستحيل.
أولاً: الموضوعات الأساسية في الرواية
1. الحب بوصفه معاناة:
أحد المحاور الأساسية في الرواية هو الحب كحالة استنزاف داخلي، وكمعركة خاسرة منذ بدايتها. فالعاشق هنا ليس فقط ضحية مشاعره، بل أيضاً رهينة لذاكرة لا تموت، وحنين دائم.
اقتباس:
“يحدث أحيانًا أن نضحك من الألم.. لا لأننا أقوياء، بل لأننا لا نملك خيارًا آخر.”
هذا الاقتباس يلخّص كيف تتعامل البطلة مع الألم: لا بالهروب، بل بالتماهي معه.
2. الفراق بوصفه لذة مقلوبة:
العنوان نفسه يحمل مفارقة دلالية: “شهياً كالفراق”. فكيف يمكن أن يكون الفراق شهياً؟ هذه التناقضات التي تُجيد مستغانمي حبكها تُبرز طابع الرواية كصراع داخلي بين الرغبة في البقاء والرغبة في التحرر.
اقتباس:
“الفراق ليس سوى لقاء مؤجل، أو حب أُجبر على التقاعد المبكر.”
3. الكتابة كخلاص:
الرواية نفسها مكتوبة كرسائل موجهة إلى الحبيب الغائب، وكأن اللغة هنا هي وسيلة مقاومة، أو محاولة لبناء جسر نحو المعنى.
اقتباس:
“أنا أكتبك لأنك الغائب الذي لا يمكن نسيانه، لأنك الحاضر في كل نص وفي كل وجع.”
ثانياً: الأسلوب الأدبي
1. شعرية السرد:
تمتاز مستغانمي بلغةٍ عالية الشاعرية، تتكئ على الصور البلاغية، والاستعارات القوية. اللغة لا تصف الواقع، بل تخلقه.
مثال:
“كان صوته موسيقى تشبه الحزن.. موسيقى لا تُرقص، بل تُبكي.”
2. التكرار كأداة تكثيف:
تعتمد مستغانمي على التكرار لتأكيد الشعور، كأنها تُجبر القارئ على التماهي مع حالتها النفسية:
“أحبك.. أحبك.. أحبك رغم كل شيء. رغمك.”
3. ضمير المخاطب:
الرواية مكتوبة على لسان امرأة تخاطب رجلاً، وهو ما يمنح النص طابعاً حميماً وشخصياً. وكأن القارئ يتلصص على اعترافات لا يُفترض به أن يسمعها.
ثالثاً: نقد الرواية
الإيجابيات:
• اللغة المميزة: مستغانمي تبني عوالمها من كلمات، وتخلق شعوراً شعرياً عميقاً.
• الصدق العاطفي: رغم التخييل، هناك ما يشبه السيرة الذاتية التي تمنح الرواية طزاجة وصدقاً.
• الإيقاع الموسيقي: الرواية تُقرأ كما يُستمع إلى قطعة موسيقية حزينة.
السلبيات:
• الافتقار إلى الحبكة الروائية التقليدية: الرواية أقرب إلى تدفّق شعوري متواصل، ما قد لا يرضي من يبحث عن تطور درامي واضح.
• اللغة أحيانًا تصبح متكلّفة: الإفراط في المجاز يجعل بعض المقاطع ثقيلة، ويضعف التأثير العاطفي.
خاتمة:
“شهياً كالفراق” ليست رواية تُقرأ لنعرف ماذا سيحدث، بل لنُشارك الكاتبة ألمها وجمال انكسارها. هي عمل أدبي يُعيد تعريف الحب، لا كحالة بهجة، بل كحالة نضج واكتمال عبر الخسارة. مستغانمي كعادتها، تسكن اللغة وتسكُننا معها.
أسماء أقيس/فرنسا 🇫🇷
تعليقات
إرسال تعليق