تجليات الكتابة
الكتابة نور يضيء زوايا الروح، وقبس نهتدي به في عتمة الفكر وتيه المشاعر.
لا كتابة بدون قلب، ولا حروف تنبض بدون إحساس صادق. فحين تكتب، أنت لا تسطر كلمات وحسب، بل تُنير دربك ودروب الآخرين... ومن هنا، نطرح السؤال: على أي أساس نكتب؟ وإلى أين تمضي حروفنا؟
"هل تعلم أن لك أجنحة خفية؟! حاول أن تكتشفها أولاً.. وثانياً حاول أن تتعلم كيف تطير.. من لم يجرب الحب والكتابة والحلم لن يصدقني" - محمد الرطيان.
احتضان الفكر ليس بهيِّنًا أو بطريق سهل، إنها رسالة ضمير تُقدَّم بكل شفافية وصدق، الكتابة روح ونبض للكاتب وللقارئ في نفس الوقت، كلاهما يرتوي من نفس النبع كأنك تتبنى طفلاً صغيرًا وتمسك بيده ليتعلم السير، كلما وقع حفزته على النهوض بكل ثقة وحب. نحن في عالم تدنت فيه الأخلاق وانعدم فيه الضمير، الكلمة حين تُنطق أو تُكتب نُحاسب عليها في الدنيا وتشهد علينا في الآخرة، ما أصعبها من أمانة! هل صنتها أيها الكاتب؟
الكاتب بصفة عامة يواجه صعوبات كثيرة في مشواره الأدبي، يجتهد ليخلق لنفسه اسمًا، ومكانة، وهدفًا يسعى لتحقيقه. البعض الآخر يرسم مسيرته بوسائل ملتوية كمتسول انتهازي يجمع قوت يومه من جيوب أسياده وينتهج حرفة إبداعية تُسمى التسلق.
"ليس من يكتب بالحبر كمن يكتب بدم القلب" - جبران خليل جبران.
ليس كل من يسطر حرفًا يحالفه الحظ لينجح ويطور مهاراته الكتابية. هناك مبتدئون يصطدمون بأول هوة وينزلقون في منحدر سفلي، وآخرون للأسف الشديد يضطرون للانسحاب بعد نشر مؤلف واحد، فتموت نكهة الكتابة بداخلهم وتتزعزع صور أحلامهم بالواقع المرير.
من هنا نطرح السؤال الآتي: ما هي الأسباب التي تؤدي لفشل المبدع؟
• الغرور والتكبر يعري روح المبدع، الفشل والإحباط النفسي يعجل بنهاية الطريق.
• متطلبات الظروف الحياتية الخاصة (الضعف المعنوي والمادي يقتل الموهبة).
• النقد السام يهدم كينونة العقل: "النقد مثل المطر ينبغي أن يكون يسيرًا بما يكفي ليغذي نمو الإنسان دون أن يدمر جذوره" - فرانك كلارك.
• المصلحة والاستغلال الفكري (المجتمع والإعلام لهم دور فعال لقمع الأقلام).
في حين يواصل آخرون وتتنامى إبداعاتهم ليصقلوا موهبتهم ويصعدوا سلم الإبداع بشحنة إيجابية ورضا ذاتي يدفعهم قدمًا للأمام، فهم يمتلكون القدرة على التحدي والاكتناز.
ما هي الاقتراحات التي تجدد طاقتنا وتعزز قدراتنا الإبداعية؟
• طلب العلم والتعلم، قال تعالى: «ن والقلم وما يسطرون» سورة القلم (1).
أهل العلم هم طريق الجنة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «منْ سَلَكَ طَريقًا يَبْتَغِي فِيهِ علْمًا سهَّل اللَّه لَه طَريقًا إِلَى الجنةِ» رواه أبو داود والترمذي.
• القراءة المكثفة والمتنوعة تغذي العقل، والاهتمام بلغتنا العربية كمصدر أولي يُثبت هويتنا. "إذا كانت الكتابة هي الطريق إلى الشعور بالحرية، فإن أول ما قد يواجهه الكاتب هو الخوف من هذه الحرية، الخوف من مواجهة اللغة، لأن أول منازل الكتابة اللغة" - محمد حامد الأحمري.
• الانضمام لنوادٍ أدبية وحضور محاضرات ومداخلات أدبية تثري الرصيد المعرفي واللغوي.
• استغلال العولمة كمواقع التواصل الاجتماعي لبناء جسور ثقافية عربية وعالمية.
• المشاركة بالمسابقات الأدبية تُحفز على الإبداع والعودة دائمًا لقاموس وفلسفة الحياة.
• البحث في كنوز معرفة القرآن الكريم: خير ما تنتظم به الذاكرة هو آيات القرآن الكريم تأملًا، حفظًا وتدبرًا، قال تعالى: «كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ» ص (29).
• الاستفادة من الأدب القديم: "الكتابة اقتراب واغتراب ويتبادلان الماضي والحاضر" - محمود درويش.
قلمك هو صديقك الوفي الذي يشبه الجندي حين يُحارب للحفاظ على وطنه وشرفه، فلا تُفرّط فيه، واجعله سلاحًا قويًا ضد تيار الجهل والنفاق.
لتبدع: اقرأ كثيرًا، وفكّر عميقًا، وتعلّم الصبر لتُتقن فنون الحياة بشتى المجالات.
بقلمي لندة مرابطين // الجزائر
تعليقات
إرسال تعليق