التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حوار صحفي مع الكاتب الباز بلغيث مع مجلة إيلزا الأدبية للإناث الجزائرية

في فضاء الإبداع، حيث تتقاطع الذات بالشعر، وتتقافز المعاني بين نبض الورق وصوت الذاكرة، نستضيف في هذا الحوار قامة أدبية نسجت تجربتها من هدير الصمت، ووهج الكلمة، وظلال البداوة المتأصلة في الروح. الشاعر والكاتب الباز بلغيث، الذي يُزاوج بين القصيدة والرواية، بين الأكاديمية والإلهام، يفتح لنا نوافذ على بداياته، ويحدثنا عن بيرين، عن الشعر الغنائي، عن قلق الجوائز ودفء الكتابة، وعن تجربته في الترجمة ومسؤوليته في الذاكرة الأدبية. حديث شفيف في عمقه، صادق في نبضه، ومتفرّد في نبرته

المحور 1: البدايات والتكوين: 
1_ كيف أثرت بيرين في تكوين الذائقة وملامح التّجربة الشعرية؟
_ لا جَرَمَ أنَّ لِلْبيئةِ _مَهْمَا كانَتْ ظُرُوفُها قَاسِيَةً_ دَورًا كَبِيرًا في رَسْمِ مَلامحِ النَّفْسِيّةِ المتَوَسّمَةِ بهَا ذَائقَةُ المُبْدِعِ، والتَّجْرُبةُ الشّعْرِيّةُ بَدْءًا مِنْ هذَا المنْطلَقِ سَيَكُونُ لهَا نقْشٌ خاصٌّ في رُوحِ الكِتَابةِ؛ ومَدِينَتي الصَّغيرةُ الكَبِيرةُ "بِيرينُ" _كَكُلِّ البِيئَاتِ_ لهَا وَسْمٌ مٌتميّزٌ في ذائِقَتي، ذَلكَ أَنَّ الانْطِباعَ المُتَأجّجَ بِدَاخِلي سَيَكُونُ لمسَقَطِ الرَّأْسِ فِيهِ تَأثيرٌ بَيّنٌ وعَمِيقٌ فِيمَا سَيُباحُ بِهِ. وأحْسَنُ مَا وَهَبَتْهُ لِي مَدِينَتي هُوَ ذَلكَ الهُدُوءُ وتلْكَ المَنَعَةُ التي يحْتَاجُهما أيُّ كاتِبٍ للتّنْفيسِ عمَّا يُصَارعُهُ. فَضْلاً عنْ مَسْحَةِ البَدَاوةِ المُحْتَفِيةِ بِمَحَاسِنِ الشِّعْرِ ومَضَاربِ الصَّيدِ وبكلِّ مَا لهُ علاقةٌ بنَفَحَاتِ الفَارسِ العَربيِّ الأصِيل.

2_ هل تتذكر اللحظة الأولى حين اختارك الشعر؟ ومتى كتبت أول نص شعري يمثل صوتك الشعري الحقيقي؟
_ أذكُرُ أنَّ أبي الشّاعرَ البَدَوي " السّلامي بلغيث _ رحمَه الله" كانَ لِشعرهِ في نفْسي بَالغُ الأثَرِ، حينَ كنتُ أدوِّنُ وأخي (الشّاعر محمد الباشق) قَصائدَه من ديوانِهِ الشَّعبي (سَرْجُ البَالِ)، لَحْظتَها كانَتِ القَصِيدَةِ الأُولَى _الّتي اخْتارَتْني ولَمْ أخْتَرْها_ تُريدُ الخَلاصَ مِنْ ثَوْبِ العاشِقِ للشِّعْرِ المدَوِّنِ لهُ والرَّاوِي عَنْهُ إلى جُبَّةِ الشَّاعِرِ القَائلِ بهِ. ولَعَلَّ أوّلَ نَصٍّ جَادٍّ لي بعدَ تجربةِ التّدوينِ حَلَّ سنة 1993 بمعهدِ اللغةِ العربيّةِ وآدابِها بجامعةِ الجَزائِر، وكان بعُنْوَانِ (صَدِيقُ الزَّمَانِ) مَعَ العِلْمِ أنَّ قبلَ هَذَا النَّصِّ قَدْ سَبَقتْ كِتاباتٌ شِعْريّةٌ كانَ أغلبُها سَاذِجًا، رغمَ إيقَاعِها السّليقيِّ إلاّ أنَّها كانتْ مجرَّدَ بَوْحٍ لِخَواطرَ تَرْنُو إلى أنْ تُصْبحَ قَصَائدَ نَوْعيَّة.

3_ هل ترى أنّ المعرفة العلمية تعيق الإبداع ( أستاذ مكون وطالب دكتوراه)؟ وهل المعرفة النقدية تعيق الشاعر احيانا؟
_ مِنَ الُموَازناتِ القيِّمَةِ بينَ الُمبْدِعِينَ، تَطْفُو قَضِيَّةُ "الجَوْدَةِ الإبْدَاعِيَّةِ" التي تميِّزُ شَاعِرًا مِنْ مُتَشَاعِرٍ ورِوَائيٍّ مِنْ حَكَّاءَ سَاذَجٍ؛ غَيْرَ نَاكِرٍ فَضْلَ الإلْهَامِ الصِّرْفِ رُغْمَ العَوَزِ العِلْمِيِّ والشُّحِّ الَمعْرِفيِّ، ولكِنْ يَجِبُ القَوْلُ بِصَوْتٍ عَالٍ:" إنَّ الإبْدَاعَ إذَا تَعَكَّزَ بِعَصَا الَمعْرِفَةِ يَزْدَادُ حَرْفُهُ تَوَهُّجًا وفِكْرُ قائِلِهِ بَلاغَةً".. والمُبْدِعُ المُلْهَمُ يُطِيلُ التّأَمُّلَ في الغَالِبِ، كَمَا لا يُجِيدُ إلاّ النّقْدَ الانْطِباعيَّ، المُنْبعِثَ مِنْ رُوحِه المَسْحُورَةِ بانْثِيالاتِ التّدَاعِيّاتِ الشِّعْريّةِ الخَلّاقَةِ؛ ومَا دَرَجَ لِي _ وأَحْسَبُني مُلْهَمًا_ بمُدَوَّنَتِي الخَاصّة كَانَ مُجَرَّدَ رُؤًى وليْسَتْ نَقْدًا صِرْفًا، ولا أُرِيدُ أَنْ أَحُطَّ مِنْ قِيمَةِ النَّاقِدِ وهُو يقْتاتُ عَلَى خُبْزِ الشَّاعِرِ وإدَامِ الفَلسَفَةِ لَدَيْهِ ليبدُوَ وَجِيهًا إلاّ إذَا تثَوّبَ بِحُلَّةِ الشِّعرِ والنَّقْدِ عَلَى حَدٍّ سَواء، ثمَّ هَلْ سَيَلْتَقِي الشِّعرُ الجَيِّدُ بالنّقْدِ المُكافِئِ لِحَصَافتِه ويُنْصِفُه؟ أمْ سَيتَزَاوَجُ الشِّعرُ بنَاقِدٍ يُغالِبُ نفْسَهُ في تَحْلِيلِ رُقْعَةٍ نَصيّةٍ لهُ مُكابِرًا تَعْلِيلاتِهِ لهَا بِنَوْعٍ مِنَ الكِبْرياءِ..؟ إنَّني فِي الحَقِيقةِ أَرْتَاحُ لبُرْنسِ الإبْدَاعِ عَلَى أمَلِ أنْ أتَزَيَّنَ بِلِحَافِ النَّقْدِ والمعْرِفَةِ العِلْمِيَّةِ ذَاتَ يَوم.
_ المحور 2: الشعر ، الجوائز، الهوية الأدبية:
1_ هل تؤمن بأن الجوائز تكرس المبدع أنها مجرد محطات رمزية لا تغير من جوهر التجربة؟
_ مِنَ الهَامِّ أنْ أُذكِّرَ نفْسِي قَبْلَ الآخَرِينَ بِأنَّ المبْدِعَ الحَقِيقيَّ لا يَسْعَى إلَى الاسْتِرْزَاقِ بِشَهَاداتٍ أو التّسَوُّلِ بِجَوَائزَ، وإنْ سَعَتْ تِلكَ الألْقَابُ إلَى الأدَبِ وتَوَسَّمَتْ بِهِ فَلا بَأْسَ فِي هَذَا، لِيتَحَقَّقَ المُعادِلُ المَنْطِقِيُّ لمَفْهُومِ (جَوائزُ الأدَبِ) لا (أدَبُ الجَوائِز)؛ أمَّا ركُوبُ الْمُبدِعِينَ مَوْجَةَ المُسَابَقاتِ فَسَيَتَغَيَّرُ المَآلُ في قِيمَةِ التَّذَوُّقِ الفَنِيِّ للقُرَّاءِ وسَيَتَحَسَّسُونَ قَطْعًا (الصَّنْعَةَ والتَّكَلُّفَ) بيْنَ طَيّاتِ إلْهَامٍ مُحَفَّزٍ لا مُحَفِّز. مُهمَّةُ الإبْدَاعِ سَتَصِيرُ حِينَئذٍ مُجَرَّدَ سَاعِي بَرِيدٍ يَنْتَهِي يَوْمُهُ "الرُّوتِينيِّ" بِتَوْزِيعِ مَا فِي يَدِه، وَسَيخْلُدُ لَيْلتَه إلى نَوْمٍ عميقٍ، خَائرَ القُوَى كأنَّهُ قَدْ تَقَاعدَ، والعَكْسُ عَلَى مَا يُرادُ بِهَذَا فِي أنْ يكُونَ شَغَفُ الذَّاتِ هُوَ تَرَقُّبُ المَحطَّةِ التَّاليةِ لتُسْعِفَها صُرُوفُ القَدَرِ لِلوُصُولِ إلَى المحطّةِ التي تعقُبها أيْضا.
2_ نلاحظ حضورا قويا لكم في الشعر الغنائي إضافة للشّعر الحرّ والخاطرة. كيف تتعاملون مع إيقاع الكلمة بين المغنى والمقروء؟ وأيّهما أقربُ لروح الباز؟
_ الهَامُّ في تَدْوِينِ اللّحْظةِ الإبْدَاعيَّةِ _ أيًّا كَانَ شَكلُ قَنَوَاتِ تَصْريفِها _ هُوَ الجِدّيّةُ والنَّفعْيّةُ والتّأثِيرُ الإيجَابيُّ في نفْسِ المُتَلقّي، بَعِيدًا عَنْ فَنّيّاتِ الكِتَابةِ الشِّعْريَّةِ مِنْ مَنْظُورٍ أكَادِيميٍّ جَافٍّ؛ والشِّعرُ بأشْكالِهِ تحْتَ وَقْعِ الإيقاعِ لا يُلْزمُ المُبْدِعَ بِسَطْرٍ أو بِعَمُودٍ، مَا دَامَ الشّاغلُ هُوَ تلْكَ القُبْلَةُ الشّعْرِيَّةُ التِي تحَدَّثَ عَنْهَا نزارُ قبَّاني في كِتَابِهِ (الشّعْرُ قِنْدِيلٌ أخْضَرُ) وهُوَ يَودُّ القَولَ بِأنَّ المتْعَةَ تَتَجَلَّى حِينَ تَتَوافَقُ الرُّوحَانِ ( الباثّ/ المستقبِل) إثْرَ تَوازي المعْنىَ وانْثيالِ النَّشْوَةِ في الحِسِّ. وأمَّا مَا بَيْنَ "مُغَنًّى ومَقْرُوءٍ" سَتقِفُ الكَلِمَةُ النَّاعِمَةُ حِيالَهُمَا كالوَلِيدِ، تُهدْهِدُهُ الأمُّ تارَةً والوَالدُ تَارةٌ أخْرَى.

3_ الموسوعات العربية الكبرى؛ ماذا يعني لكم كونكم جزءا من الذاكرة الأدبية المكتوبة؟ وهل تشعر بالمسؤولية أم بالتحرر؟
_ يَفْرَحُ المُبْدِعُ حِينَ يَجِدُ اسْمَهُ مَنقُوشًا عَلَى مَتْنِ المُوسُوعَاتِ العَرَبِيّةِ أو الدَّوْليّةِ الكُبْرَى، مُمثّلاً بِلادَهُ وقَبْلَ ذَلكَ شَخْصَه، وهَذهِ المَنْدُوحَةُ عَلَى بهَاءِ خُصُوصِيَّتها إلاّ أنَّها سَتُقَرّبُ المُبْدِعَ إلى (تنُّورِ الذّاكِرَةِ الأدبيَّةِ) وقَدْ يَحْترقُ اسْمُهُ أو يَزْدَانُ فَيَزدَادُ ألقًا؛ ذلكَ أنَّ مَنْطقَ المَسْؤُولِيّةِ الّتي ابْتدَأَ مِنْ فِكْرَةِ التَّحرُّرِ في رَسْمِ تِمْثالٍ بَهيِّ المظْهرِ داخِلَ كَيْنُونةِ الكاتبِ سَيَجْعلُها غيْرَ مُتحَرِّرَةٍ منْ مَسْؤُوليّةِ الذّاتيةِ الخَاصّةِ، وهيَ تَوَدُّ أنْ تَكُونَ مَوْضُوعِيَّةً، تَأنَسُ إلى ذاكِرَةٍ جَمْعِيّةٍ، خَلاَّقَةٍ وبَنَّاءَة.

المحور 3: الرواية والكتابة المتعددة:
1_ لكم روايات عديدة بثيماتها وفضاءاتها، كيف تعبرون بين الشعر والرواية دون فقد نبرة الصوت الخاصة؟
_ قَدْ يكونُ التَّراكُمُ الشِّعريُّ في بلادِنا أوْفَرَ حَظًّا مِنَ الكِتابةِ السَّرْدِيّةِ، عَلَى مَا يَطالُ هَذَا الزَّخَمَ مِنْ إجْحافٍ وعَدَمِ مُبالاةٍ، ولَنْ أكُونَ بِمَنْأًى عَنْ الشُّعَرَاءِ والكُتَّابِ إذَا مَا وَصَفْتُ الوَاقِعَ الأدَبيَّ المُجْحِفَ بأنَّهُ يَتَحَرَّزُ مِنَ الانْتِشَارِ الشِّعْرِيِّ وَيَقُولُ بِالوَلاءِ للسَّرْدِ _ الرِّوَايةَ بِخاصَّةٍ_ بِشَكْلٍ بَيِّنٍ، ولَنْ تَتَغيّرَ القَوْلةُ المَشْهُورةُ (الشِّعْرُ دِيوَانُ العَرَبِ) مَهْماَ خَذَلَهُ أبناؤُهُ ومُناوِؤُوه. ولَعَلَّ الصَّوْتَ سَيَبْقَى واحِدًا إذَا امْتَلَكَ الكاتِبُ (الشَّاعِرُ/الرِّوَائيُّ) تِلْكَ اللُّيُونَةَ والانْسِيَابيَّةَ في الفِرَارِ مِنْ وَإلى لَوْنٍ مِنْهُمَا، حَتَّى يَبْقَى مُؤَثِّرًا في القَارِئِ بِمَا يُمَيّزُهُ عَنْ بَقِيَّةِ الكُتَّاب، والقَرَارُ الأخيرُ سَيَكُونُ للمُتَلَقّي في قَبُولِ الطَّيْفِ الشِّعْرِيِّ دُونَ السَّرْدِيِّ أوِ العَكْس.

2_ : أحلام بالتّقسيط" و " خربشات على حفرية حزن" وغيرهما، تعكس حسا ساخرا ووجوديا في آن، إلى أي مدى تمثل الكتابة لديكم ملاذا شخصيا أكثر من كونها رسالة للآخرين؟
_ قال الأديبُ "غسَّان كنفاني"(..المثَقَّفُ أوَّلُ مَنْ يُقاوِمُ وآخرُ مَنْ يَنْكَسِرُ..)_ ربّما لأنَّ مَا أُودِعَ بفِكْرهِ وعَاطِفتِهِ وطبْعِهِ أنْدَى بِكَثيرٍ مِمّا أُودِعَ في بقيَّةِ النَّاسِ، ولعَلَّ "أسْعَدَ النَّاسِ مَنْ أسْعَدَ النّاسَ" _ كما قِيلِ_ سَيَكُونُ المُعْتَنى الأوَّلَ في مختبَرِ الذَّاتِ ليَمْسَحَ الحُزْنَ عن نفُوسِ الآخَرينَ بينَما تتقَطَّعُ نفسُهُ دُونَهم. وأقولُ في كتَابي(خَرْبَشَاتٌ علَى حِفْريَّةِ حُزْن ): "الحَرْفُ نارٌ؛ إمّاَ يَكْوِي فيَشْـفي وإمَّا يَحْرِقُ فيَشْـوِي..!" والدَّهْشَةٌ، سَتَتْرُكُ مجالاً فَسِيحًا ليُقلِّبَ الكاتِبُ المَعانيَ حَسبَ الحَالةِ النَّفسيَّةِ والشُّعوريَّة الَّتِي تَنْتَابُهُ. ولا غَرْوَ في أَنَّ الكِتابَةَ في الأصْلِ هيَ كِتابةٌ مِنَ الذَّاتِ إلى الذَّاتِ أولًا كَمَلاذٍ شَخْصِيٍّ للتَّنْفِيسِ عمَّا يَتَأجَّجُ في النّفْسِ وعمَّا يَوَدُّ أنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا مَعَ الآخَرِينَ، وعَلَيْهِ فالكِتَابَةُ هِيَ إثْبَاتُ وُجُودٍ ولا تهُمُّ الطَّرِيقَةُ في هَذَا الإثْبَاتِ أَنْ يَكُونَ سَاخِرًا أم عَاقِلا.

المحور 4: الترجمة والحضور العربي:
1_ كيف تنظرون إلى تجربة الترجمة؟ وهل تعتقدون أنّ الشّعر العربي يفقد شيئا من رُوحه حين يترجم؟
_ في الحَقِيقةِ؛ كُلُّ فُنُونِ الكِتَابَةِ قَدْ لا يَطالُها اللَّبْسُ أو التَّحْويرُ إذَا مَا تُرْجِمتْ، إلَّا الشّعْرُ العَرَبيُّ فإنَّ سِرَّهُ يَكْمُنُ في أثِيرِهِ المُوسِيقيِّ الفَرِيدِ المتَمَيِّزِ عَنْ مُشْتَقّاتِ الشِّعْرِ الأعْجَمِيِّ، وبِالتَّالي فإنَّ التَّرجمةَ إلَى العَرَبِيَّةِ مِنْ لُغَاتِ آدَابٍ أُخْرَى لا يَضِيرُ، بَينمَا تَرْجَمَةُ الشِّعْرِ العَرَبيِّ إلَى لُغَاتٍ غَيْرِها لَنْ يَصِلَ عُنْفُوانُهُ بِالألَقِ نَفَسِهِ. وإنّهُ يُعاودُني الأمَلُ إلى أفقٍ أرْحَبَ مِنْ ذي قَبْلٍ، حِينما أجِدُنا نَرْقَى بتِلكَ الحَمِيمِيّةِ الذَّاتِيةِ المتَبَادَلَةِ إلى أدَبٍ عامٍّ، يَلُفُّ رِهَانَاتِ المَرْحَلَةِ ويرسُمُ ملامَحَها، ونحنُ لا نُلقِي بَالاً لِهَذَا؛ بَلْ إنَّ اجْتِهادَ المترْجِمِ في بَعْثِ العَربيّةِ بلُغاتٍ أخْرَى ليَزِيدُ الإبْدَاعَ شَرَفًا وتكْلِيفًا، لأنَّهُ يُهَيِّئُ الطّرِيقَ لَهُ وَسْطَ حُدُودِه ويودُّ رَسْمَ طَرائقَ لهُ خَارجَ حُدُودِه. وشَتّانَ بينَ الجُهْدَيْن..!!
2_ التمثيل الدولي للجزائر، ما الذي تعنيه لكم الهوية الأدبية الجزائرية؟ وكيف تصفون موقع الأدب الجزائري في الخارطة الثقافية العربية اليوم؟
_ مُنْطَلقُ الكِتَابَةِ الإبْدَاعِيَّةِ بِخَاصَّةٍ هُوَ مَنْزِعٌ هُوِيَّاتـِيٌّ بِامْتِيَازٍ قَبْلَ أنْ يَكُونَ مُجَرَّدَ بَوْحٍ، كَيْفَ لا؟ والّذِي يُمَثِّلُ بَلَدَهُ في الَمَحَافِلِ الدَّوْليّةِ هُوَ في الحَقِيقَةِ سَفِيرٌ لَهَا بِلِسَانِهِ وقَلَمِهِ وانْتمَائِه؛ وأمَّا عَنْ مَوْقِعِ الأدَبِ الجَزائِريِّ اليَوْمَ بخاصَّةٍ في الخَارِطَةِ الثَّقَافِيَّةِ العَرَبِيَّةِ فَسَأُحِيلُكُمْ إلَى حَصِيلَةِ الجَوَائزِ الّتِي نَالَهَا أبْنَاءُ الوَطَنِ كُلَّ سَنَةٍ في شَتَّى الأغْرَاضِ والفُنُونِ. ومَا هَذَا التَّدْلِيلُ إلَّا مُؤَشِّرٌ عَلَى رِيَادَةِ الأدَبِ الجَزائريِّ وَثَرَائِهِ وتَمَيُّزِه.
المحور 5: الطفولة وأدب الطفل:
1_ ما الذي دفعكم لخوض هذا الحقل؟ وهل ترى بأن الطفل بحاجة إلى الشعر أم إلى الحكاية؟
_ أدَبُ الطّفْلِ هُوَ الأَوْلَى بِالاهتمامِ لتَرْعِيةِ نَشْءٍ يَحْفظُ التّرَاثَ ويُقيِّمُ حيَاتَه بِهِ. وبِمَا أنَّ الشّعْرَ لَهُ حَظوةٌ في جَنَانِ وعَقْلِ النّاسِ _وقد أُخِذُوا بِهِ وسُحِرُوا_ فإنَّ المُهِمَّ أنْ يكُونَ في رُزنامَةِ أدَبِ الطّفْلِ مَا هُوَ شِعْرٌ هَادِفٌ محْضٌ، أقْرَبُ للْحِكايَة يهبهُ عُلوَّ هِمّةٍ، وذوقًا وحِسًّا مرهفًا، ونظرةً متفائلةً للحياةِ. فكَينُونةُ الطِّفلِ نامُوسٌ غَرِيبٌ ووعْيٌ لا وَاعٍ عَجِيبٌ!! إنَّ الكِتَابَةَ إلى الطِّفلِ (شِعْرًا أمْ حِكايَةً) بأدَواتِه البَسِيطَةِ المُمْتنِعَةِ لا تُسْعِفُ خَواطرَنَا لِلكتَابَةِ عنْهُ؛ ذَلكَ أنَّ الدَّافِعَ الّذِي يَخْتَلِجُ بَينَ جَوَانحِنا لا تُسْعفُهُ حَواسُّنا وجَوارِحُنا، وكلَّمَا حَسِبْنَا أنَّنا ننْزِلُ إلى حَضِيضِ اللُّغةِ _ في الحَقِيقَةِ_ نجِدُ أنفسَنَا نصْعَدُ إلى خَيَالٍ مُتَشَبِّعٍ برُؤًى بعِيدَةِ المَنالِ عنّا، مُكتنزةٍ بجَمالٍ وصَفَاءٍ،، وخُيَلاء، ونَحْسَبُ أنَّنا قارَبْنا السَّهْمَ إلى البُؤْرَة.
2_ باعتباركم أستاذا مكونا، الجيل الجديد وعلاقته باللغة و الأدب؟ وهل لا تزال المدرسة قادرة على خلق قارئ حقيقي في زمن الرقمنة والتشتت البصري؟
         ..لا أعْتَقِدُ بِأَنَّ دَورَ الأمِّ سَيَكُونُ ذَا فاعليّةٍ إنْ لم يَكُنْ للأبِ وُجُودٌ وأثرْ..؟ فمِنَ الغَبَاءِ بمَكانٍ أنْ يَحُلَّ أحُدُهُما مَكانَ الآخَرِ، مَعَ العِلْمِ أَنَّ القِرَاءَةَ الالكْترُونيّةَ -في نظَرِي- قَدْ جَلَبَتْ- معَ فاعِليَّتها- نَوْعًا مِنَ الفَوْضَى المُنْتَظَمَةِ!! إذِ الكِتابُ الالْكترُونيُّ مِنَ النّاحِيَةِ النَّفْسيّةِ في تَصَفُّحِ النَّشْءِ " بالنّقر" عَلَى الحَاسُوبِ يكُونُ الشُّعُورُ بِهِ جَافًّا، بينما القِراءةُ الوَرَقِيّةُ للُّغةِ والأدَبِ تحُلُّ بالنّفْسِ وتَصِلُ شِغَافَ القَلْبِ بِمُرُونةٍ وسَلاسَةٍ، كما وتحرِّضُ الجِيلَ علَى الحِفْظِ والاسْتِئْنَاسِ؛ لأنَّ التّقنِيّةَ العِلْمِيّةَ الحَدِيثةَ على فائدَتِها العُظْمَى تُشَكّلُ لَدَى المُتلقّي حالةً نَفْسيَّةً طرِيفَةً، بَدَا أمَامَها حَسيرًا بَيْنَ أنْ يَنْتَهزَ فُرْصَةَ مُوَاكِبَةِ العَصْرِ تُكنُولُوجيًّا وبينَ أنْ يظهرَ جَاهلاً رغم شَغَفِهِ المسْتَطِيرِ لِلْعِلمِ والمَعْرِفةِ حَالَمَا يأنسُ إلى كِتَابٍ وَحِيدًا؛ ولَكِنَّ المَنْطقَ الجَدِيدَ لهذِهِ الحالةِ _إزَاءَ اختِيارهِ الأوَّل_ سَيَفرضُ عَلَيْهِ اتِّكَاليّةً سِلْبيّةً، تَسْلُبُ منْهُ شَبَقَ القِراءةِ بضَغْطةِ زُرَارٍ؛ وبَدَلَ أَنْ يَحْظَى بمُتَابَعةِ فحْوَى الكِتَابِ برُمَّتِهِ، سَتُحَوِّلُهُ لَوْحَةُ المَفِاتِيحِ إلَى التَّطْوافِ السَّريعِ _كالنَّحْلَةِ دُونَ رَحِيقٍ يُجْنَى _ بينَ أيقوناتٍ ونَوافِذِ. إنَّ التّقنيّةَ لا تُوصِلُ القارئَ إلى عُمقِ الفائدةِ بالشّكلِ التّامِّ، وليسَ مَعْنَى هَذاَ أنَّها لا تَفِي بشَغَفِ الذّائِقةِ. وقَدْ يحْسُنُ الكلامُ بِاعْتِبَارِ أنَّ الكِتَابَ يُرسّخُ المَعْلُومَاتِ ويثبّتُها في الذّاكِرةِ، خَاصّةً إذَا رَافَقَتِ القِراءَةَ _ بالطَّريقةِ القَديمةِ_ جُذاذاتٌ بها مَا وقَعَتْ عليهِ عَينُ القَارئِ، ومَا عَلِقَ بشِغَافِ الذّائقةِ لِيَصيرَ مخْزُونًا جَدِيدًا؛ إنَّني لا أُرِيدُ الانْتِصارَ للكِتَابِ عَلَى حِسَابِ التّقْنيّةِ، مَادامَتْ مكتَباتُنا قَدْ أثقَلَها الغُبارُ وعَلاها النّسْيَانُ والجُحُود..!  

المحور 6: الأسئلة الشّخصيّة والفكريّة:
1_ كتبتم في الحنين، القصف، الغربة، النّخلة، الوجع، ما الـموضوع الذي لم تكتبوه بعد وتشعرون أنه ينتظركم في زاوية منسيّة من الذّات؟
_ لَيْسَ الكَاتِبُ بِمَنْأًى عَنْ صُرُوفِ الدَّهْرِ وعَنْ كُلِّ مَا يُصَارعُهُ في الحَيَاةِ، وبِمَا أَنَّهُ حَسَّاسٌ فَلا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يُواكِبَ نَفْسِيًّا وفِكْرِيًّا وحَتَّى إبْدَاعِيًّا مَا يَدُورُ في مُجْتَمَعِهِ الصَّغِيرِ والعَالمِ أيضًا. ومَا الحَنينُ والغُرْبةُ والألَمُ والَمعاني الخفيَّةِ في كُلِّ جُملَةٍ مُعَقَّدَةٍ أوْ بَسِيطَةٍ إنَّما هيَ إمْلاءَاتٌ تُعانِدُ ذَواتِنَا تَبْقَى مَنْسِيَّةً في زَاوِيَةٍ مِنَ الذَّاكِرَةِ أو مَبْثُوثَةً فَوْقَ الجُرْحِ بيِّنَةً ولا يُؤْبَهُ بِهَا..!! والشَّاغِلُ أنَّ مَا يتَأجَّجُ بالنَّفْسِ سَيَظْهَرُ في تَعَابيرِ الكاتِبِ بَوْحًا بِوَعْيٍ مِنْهُ أو بِغَيْرِهِ، وبالتَّالِي فَإنَّ مَا يَنْتظِرُنَا هُوَ مَا يَشْغَلُنَا تِلْكَ اللَّحظَةَ بِالذَّاتِ، أيْ إِنَّها لحْظَةٌ مُشْرِقَةٌ مِنَ الإبْداعِ تَبْرُقُ تَحْتَ ضَغْطِ نَفْسِيَّةٍ مُؤَرَّقَةٍ..!! ولَنْ يَخْرُجَ الكاتِبُ عَنْ هُيُولَى هَذَا الطّقْسِ، وَقَدْ شَارَكَ النَّاسَ مَظَنَّتَهُ وبَوْحَهُ وأرَقَه.

 

2_ كيف ترون المشهد الإعلامي الثقافي اليوم من خلال إشرافكم على أركان أدبية في الصحف والمجلات، هل لا تزال الصحافة قادرة على حماية الأدب؟
_ لكُلِّ مِنْبَرٍ كَلِمتُه.. والحَداثةُ تتَقاسَمُ رِيعَها جِهاتٌ عِدّةٌ، لعَلَّ أهَمَّها مَواقِعُ التَّواصُلِ الاجْتِماعِيِّ عَلَى اخْتِلافِها؛ والصَّحافَةُ جُزْءٌ هَامٌّ في هَذا التَّدفُّقِ الإعْلامِيِّ المُتَوَهّجِ، أمَّا أنْ يَنْتَحلَ الشَّاعِرُ دَوْرَ الصَّحَفِيِّ فَلا أرَى بُدًّا في هَذا كَسَبِيلٍ للدّعايةِ، مَا دَامَ هُنالِكَ أشْخاصٌ يقومُونَ بالمُهِمَّةِ ويتقَصَّونَ الأدَبَ والفَنَّ مِنْ كُلِّ فجٍّ بَدَلاً عَنْه. أمَّا الإشْرَافُ عَلَى زَوَايَا ثَقَافيّةٍ قَبْلَ سَنَةِ 2000 فقدْ كانَ ذَا صِيتٍ وأثَرٍ وتَقْدِيرٍ، أمَّا اليَوْمَ _ وقَدْ غَصَّ الَمَجالُ بِالغَثِّ والسَّمِينِ_ فَلاَ أرَى جَدْوًى _بَعْدَ وَضْعِ قُبَّةٍ مُهْتَرِئَةٍ تَحْمِي الأدَبَ وَحَتَّى الفَنَّ مِنَ غَزْوِ المُزَايِدِينَ عَلَى المُبْدِعِ فِكْرًا وذَائِقَةً_ إلاَّ مُحاصَرَةَ هَؤُلاءِ بِجَيْشٍ مِنَ الـمُجِدِّينَ لدَحْضِ هذَا الغُثَاءِ بِأدَبٍ حَقِيقِيٍّ أصِيلٍ غَيْرِ هَجِين.

3_ أخيرا؛ كيف يعرّف الباز نفسه الان، شاعر، روائي؟ أم حكاء يبحث عن خلاصه عبر اللغة؟
_ من الجَديرِ بالذِّكرِ أنْ نتكلَّمَ عن دَوْرِ اللُّغةِ الوَاعِيَةِ في تَوْصِيلِ الأفْكارِ إلَى المُتلَّقي، بعِيدًا عنْ مُزايَداتِ النَّسَقِ، وتَواتُراتِ المَعْنَى، وانْثيالِ النَّشْوةِ الحسِّيَّة، وخُيَلاءِ الصِّفَاتِ، ومنَ هَذَا المنْطَلقِ تَأتي التَّصَارِيفُ الأسلوبيَّةُ _تحتَ وطْأةِ المِخيالِ _ مُتنوِّعَةً ومُتَباينَةً، لِتخْدُمَ المعنَى وتُوصِّلَ مَدَاءَاتِ اللُّغةِ، ولا أُخْفِيكُمْ سِرًّا أَنَّ النّرجِسِيّةَ التِي تُمْسِكُ بِمِخْنَقِ الكِبْرياءِ لَدَى المُبْدِعِينَ _ ولا أسْتَثْنِي نفْسِي _ تقُولُ بِأنَّ رَسْمَ الخَيْطِ الذَّهَبِيِّ للشَّخْصيّةِ في مُقارَعَتِها للآخَرِينَ أوْ مُزَاحَمَتِها قُبَّةَ الإبْدَاعِ سَيَكُونُ فِيهَا فَخٌّ لا يَسْلَمُ صاحِبُهُ مِنْهُ إلاَّ بِحَصافَةٍ وتَواضُعٍ وحُسْنِ ظَنٍّ فِي نَفْسِهِ قَبْلَ النَّاسِ؛ إذْ مِنْ صِحَّةِ الحَالِ والبَالِ أنْ يَتَصوَّرَ (المُبدعُ / الكاتبُ) نَفْسَهُ بِتِمثَالٍ يُمَيِّزهُ عَنْ غَيْرِه، ولكِنْ إذَا اجْتَمَعتْ فِي تَصَوُّرِه مَعانِي الإخْلاصِ لِلْكِتَابةِ الجَادَّة وللفَنِّ الرَّاقِي ولرُؤيَتِهِ الجَمَاليَّةِ فِي أنْ يَكُونَ مَنْهَجُهُ إيجابِيًّا، مُحافِظًا عَلَى أمَانَتِه وسُمْعَتِه وعَلَى كَرامَةِ مَنْ يَكْتُبْ لَهُم، وهُنَا مَكْمَنُ الخَلاصِ مِنْ مَسْؤُوليَّةِ الكِتَابَةِ بَعِيدًا عَنِ الشَّكْلِ الّذِي سَيُؤَطِّرُ الإبْدَاعِ فيَسِمُ صَاحِبَهِ بصِفَةِ الشَّاعِرِ أو الحَكَّاءِ أو الفَيْلَسُوف. 

ما بين ضوء الحرف وظلّ الروح، رسم الباز بلغيث في هذا الحوار خريطةً لتجربة إبداعية متشظّية بين الشعر والسرد، بين الفكر والشعور، بين الذاتيّ والموضوعي. قدّم لنا صوتًا أصيلًا لا تزيّنه الجوائز بل تُعلي من شأنه التجربة، ولا تقيده الترجمة بل تسعى جاهدةً للحاق بروحه. هو حوار لا يُغلق، بل يترك متّسعًا للدهشة والتأمّل، كما أراد صاحبه: أن يكون الإبداع شغفًا لا وظيفة، ومسؤولية لا استعراضًا، ونداءً داخليًا يلامسنا جميعًا

المؤسسة مجلة إيلزا الأدبية للإناث 
المديرة بشرى دلهوم
الصحفية أسماء أقيس

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار صحفي مع الكاتب محمد بالحياني مع مجلة إيلزا الأدبية للإناث

حوار مع الكاتب والأستاذ محمد بالحياني المقدمة: هناك كُتّاب لا يكتبون لمجرد الكتابة، بل يحاولون أن يتركوا أثرًا، أن يحركوا شيئًا في القارئ، أن يجعلوا الكلمات مرآة تعكس واقعًا أو خيالًا يحمل بصماتهم الخاصة. محمد بالحياني، أحد هؤلاء الذين اختاروا أن يكون الحرف سلاحهم، والرؤية عماد نصوصهم. في هذا الحوار، نقترب من تجربته، نغوص في أفكاره، ونكشف أسرار رحلته الأدبية. المعلومات الشخصية: الاسم: محمد بالحياني السن:27سنة البلد:الجزائر- البيض الموهبة:كاتب الحوار: س/ مرحبا بك محمد تشرفنا باستضافتك معنا اليوم بداية كيف تعرف نفسك لجمهورك ومن يتابعك دون ذكر اسمك؟  ج/في الغالب أكون متحدث سيئ عن نفسي، لكن يمكنني أن أختصر بالفعل وأقول محمد عبد الكريم بلحياني ، من ولاية البيض بالضبط بلدية المحرة ، عاشق للكتابة ورائحة الكتب ، اعمل اداري للصحة العمومية ،  انسان مهووس بتفاصيل التفاصيل ، عاشق للكتابة وما يحيط بها من حالات متناغمة من الوحدة، الجمال، والتناسق مع الطبيعة ، كان اول مؤلف لي بعنوان الخامسة صباحًا الذي شاركت به في المعرض الدولي للكتاب سيلا 23  وثاني عمل كان رواية بعنوان بروخيريا التي ش...

( الشيروبيم) بقلم الكاتبة مروة صالح السورية

( الشيروبيم) مقدمة: في مكانٍ ما على سطح وجهها النقي ارتفعت الأمواج وأغرقت جُزراً بنية تحدّها شطآن وردية هذه الجزر التي لا نبحر إليها بل تبحر بنا إلى عالم لا يعرف الحروب ولا الجراح يقال إن الملائكة لا تُرى لكن هنا... ترسل السماء نوراً يجعل الزمن يحني رأسه إجلالاً لهذه اللحظة الخالدة التي سنشاهد فيها الشيروبيم يتجلى على هيئة ابتسامة تطوي المسافة بين الغرق والنجاة وتحيي الأمل في قلب كل من يؤمن بالأساطير وبأن حياةً جديدة قد تولد بعد الغرق النص: حين تبتسم تعلو أمواج خديها فتُغرق جُزر عينيها البنيتين وتُحلّق الفلامينغو من شطآن جفنيها الورديتين تلك الجزر وشطآنها التي تنقذني كلما واجهت تيارات بحر الحياة فأمكث بها لاكتشاف أساطير حبٍ جديدة حين تبتسم وفي منتصف شفتها العلوية يبسط طائر النورس جناحيه فتتوازن خطواتي وتتلاشى انكساراتي حين تضحك تدندن ضحكاتها على أوتار عمري فتصدر سمفونية سلام تنهي حروبًا وتشفي جراحًا لا علاقة لها بها حين تضحك تنكشف ثماني لآلئ بيضاء تنثر النور في ظلمات أيامي ويولد الفجر من جديد إنها ليست مجرد حركة شفاه... إنها لحظة خلود تتوقف عندها كل الأزمنة ومن رحم هذا السكون تُولد أع...

ركلة جزاء.pdf

 عنوان الكتاب : ركلة جزاء  مجموعة مؤلفين  إشراف وتدقيق : بشرى دلهوم تصميم وتنسيق : بشرى دلهوم  الناشرة :مجلة إيلزا الأدبية للإناث سنة النشر : 21جانفي 2025 لتحميل الملف اضغط هنا  ركلة جزاء.pdf