التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حنين القلم الكاتبة امل العمري الأردنية

حنين القلم 

إليكَ يا صاحبي أبثُ أشواقي الممزوجةَ بالأماني للقاءِ أناملكَ التي خطّتْ سيناريوهاتِ صداقتنا الأبديةِ، متذكراً ملامحَها البريئةَ. فهل تتذكّرُ لحظاتَها حينما كنتَ طفلاً صغيراً يلهو بأغصانِ الشجرِ الغضةِ ليصنعَ منها جنوداً من أقلامِ الرصاص؟ وهل تتذكّرُ ذلك الغصنَ الذي ما تركَ يديكَ يوماً؟  

فلتنظرْ إليهِ الآنَ وهوَ يخطُ لكَ بعدَ أنْ كانتْ مَهمتهُ رسمُ بيتكَ الخشبي الصغيرَ، الذي يعلوهُ قرصاً من ضوءٍ براقٍ بجدائلٍ شقراء تتناثرُ فوقَ أحلامِكَ الشقيةِ، وهي تهربُ من سنابلِ القمحِ ظنّاً منها أنّها تلهثُ وراءَها كلما هبّتْ ريحٌ عاصفة.  

ها أنا أنظرُ إليكَ الآنَ من ضريحِ علبتكَ القديمة التي رَكنتها على رفوفِ الإهمالِ والنسيانِ، لينازعني الحنينُ إليكَ كلّما فاحتْ رائحةُ حبرِ أناملكَ العطرةِ، وهي تستجدي الأقلامَ كي تحلَّ مسألةَ حسابٍ أو فرضاً من فروضكِ المدرسية. وأتساءلُ في نفسي، لماذا لم يدفعكَ الحنينُ إلى رائحةِ الخشبِ العطرةِ، المنبعثة من اناملك المبللة عندما كنتَ حزيناً؟  

بل لماذا لم تجذبكَ رائحةُ تبغهِ العطرِ وهو يحترقُ بين سطورك، مُعلناً التمردَ على كلّ شيء؟ ولماذا لم تنظرْ إلى خربشاتهِ العشوائيةِ وهو يجري بلا هدفٍ، كطفلٍ أفقده الفرحُ سيطرتهُ على نفسه؟ أيعقلُ أنْ تتجاهلَ أنينَ صرخاته وهي تستجدي مبراتكَ ألا تَحُدَّ من سيوفِها لتقتلَ مجرماً هربَ من سجونِ الرواياتِ الطويلةِ إلى براحِ القصصِ القصيرةِ، آملاً بتخفيفِ الحكمِ عليه؟  

أم تُديرَ ظهركَ لتناغمِ كلماتكَ وهي تَنظُمُ قصيدةً كعقدٍ جميلٍ يلفُّ أعناقَ أوراقكَ المتعطشةِ لحسنِ القولِ بعدَ طولِ صمت؟ وهل تراكَ تُشيحُ بوجهكَ عن خواطرِ نفسكَ وهي تسافرُ من حولك، ولا تجدُ مطاراً تحطُّ فيه لإفراغِ حقائبها من ضجيجِ محركاتِ الطائراتِ أو تغاريدِ العصافيرِ المحلقةِ بجانبها؟  

يا صاحبي، إنَّ صمتَ أناملكَ يقتلني، ولا أعرفُ سبيلاً لإنطاقهِ غيرَ هذه الخربشاتِ التي تضجُّ بها نفسي. فهل تدلُّها على طريقٍ إليكَ لتصبحَ سطوراً مقروءةً في دفترِ مذكراتك الذي يشاركني الإقامةَ في فنادقكَ المغبرة؟ أم أنكَ ستستدعي الممحاةَ كي تمسحَ كلّ شيءٍ، قبل أنْ تتضحَ كلُّ الملامح؟  
 ياصاحبي ضمني إلى جيوش الأقلام مرة أخرى كلما نما غصن وازهر ، فتطلقَ رصاص بندقيتكَ نصرا بعودة نبض الحروف بعد طول الهجر. 

 بقلمي الرصاص 
أمل العمري / الأردن

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار صحفي مع الكاتب محمد بالحياني مع مجلة إيلزا الأدبية للإناث

حوار مع الكاتب والأستاذ محمد بالحياني المقدمة: هناك كُتّاب لا يكتبون لمجرد الكتابة، بل يحاولون أن يتركوا أثرًا، أن يحركوا شيئًا في القارئ، أن يجعلوا الكلمات مرآة تعكس واقعًا أو خيالًا يحمل بصماتهم الخاصة. محمد بالحياني، أحد هؤلاء الذين اختاروا أن يكون الحرف سلاحهم، والرؤية عماد نصوصهم. في هذا الحوار، نقترب من تجربته، نغوص في أفكاره، ونكشف أسرار رحلته الأدبية. المعلومات الشخصية: الاسم: محمد بالحياني السن:27سنة البلد:الجزائر- البيض الموهبة:كاتب الحوار: س/ مرحبا بك محمد تشرفنا باستضافتك معنا اليوم بداية كيف تعرف نفسك لجمهورك ومن يتابعك دون ذكر اسمك؟  ج/في الغالب أكون متحدث سيئ عن نفسي، لكن يمكنني أن أختصر بالفعل وأقول محمد عبد الكريم بلحياني ، من ولاية البيض بالضبط بلدية المحرة ، عاشق للكتابة ورائحة الكتب ، اعمل اداري للصحة العمومية ،  انسان مهووس بتفاصيل التفاصيل ، عاشق للكتابة وما يحيط بها من حالات متناغمة من الوحدة، الجمال، والتناسق مع الطبيعة ، كان اول مؤلف لي بعنوان الخامسة صباحًا الذي شاركت به في المعرض الدولي للكتاب سيلا 23  وثاني عمل كان رواية بعنوان بروخيريا التي ش...

( الشيروبيم) بقلم الكاتبة مروة صالح السورية

( الشيروبيم) مقدمة: في مكانٍ ما على سطح وجهها النقي ارتفعت الأمواج وأغرقت جُزراً بنية تحدّها شطآن وردية هذه الجزر التي لا نبحر إليها بل تبحر بنا إلى عالم لا يعرف الحروب ولا الجراح يقال إن الملائكة لا تُرى لكن هنا... ترسل السماء نوراً يجعل الزمن يحني رأسه إجلالاً لهذه اللحظة الخالدة التي سنشاهد فيها الشيروبيم يتجلى على هيئة ابتسامة تطوي المسافة بين الغرق والنجاة وتحيي الأمل في قلب كل من يؤمن بالأساطير وبأن حياةً جديدة قد تولد بعد الغرق النص: حين تبتسم تعلو أمواج خديها فتُغرق جُزر عينيها البنيتين وتُحلّق الفلامينغو من شطآن جفنيها الورديتين تلك الجزر وشطآنها التي تنقذني كلما واجهت تيارات بحر الحياة فأمكث بها لاكتشاف أساطير حبٍ جديدة حين تبتسم وفي منتصف شفتها العلوية يبسط طائر النورس جناحيه فتتوازن خطواتي وتتلاشى انكساراتي حين تضحك تدندن ضحكاتها على أوتار عمري فتصدر سمفونية سلام تنهي حروبًا وتشفي جراحًا لا علاقة لها بها حين تضحك تنكشف ثماني لآلئ بيضاء تنثر النور في ظلمات أيامي ويولد الفجر من جديد إنها ليست مجرد حركة شفاه... إنها لحظة خلود تتوقف عندها كل الأزمنة ومن رحم هذا السكون تُولد أع...

ركلة جزاء.pdf

 عنوان الكتاب : ركلة جزاء  مجموعة مؤلفين  إشراف وتدقيق : بشرى دلهوم تصميم وتنسيق : بشرى دلهوم  الناشرة :مجلة إيلزا الأدبية للإناث سنة النشر : 21جانفي 2025 لتحميل الملف اضغط هنا  ركلة جزاء.pdf