ويُثقلني الليل، وأُثقله، وتُثقلني الجفون وأُثقلها، ولا يثقلني النوم ولستُ أُثقله. ويجثم على رأسي شيطانك، ويُثقِلُهُ، وتجثم على صدري تعاويذك وتُثقلُهُ، وتنسكب على خدي العبَرات وتُثقله. تُثقلني أنت في غيابك كما أثقلتني في حضورك. فأجد في يدي منديلا من غريبٍ كي أمسح به دمعي الذي انهمر من قريب، منك أنت... فلست أدري هل أضحك أم أبكي... النّاس رثت لحالي ولم ترأف أنت. ظللت جاثما على رأسي حتى بعد رحيلي...
سجادة ولحاف ومصحف، هم ونسي وهم طوق النجاة وهم من نجحوا في حمل ثقلك عنّي.
لم أعد أريدك، لم أعد أحبك، لم أعد أرغب بك ولا بغيرك...
هل تدري؟ إنك حتى لو صرت ملاكا طاهرا ورجعت إلي بقصور وبساتين وجنان لم أعد أُريدك.
كأنّك كنت كلّ شيء، والآن أصبحت لا شيء.
كنت كل شيء ولو لم تكن تملك شيئا، ولكنك الآن لا تسوى عندي شيئا ولو ملكتَ كلّ شيء.
أنت الآن ثقل، ثقل فقط.
أنت الآن سقم شُفيتُ منه، أنت الآن ميتٌ لا يرجو ولا يُرجى منه.
أنت الآن لا شيء.
هل تعلم حين تقابلنا صدفة في الطّريق لم أعرفك؟
كنت تنتظرني لعلي أكلمك ولكنني لم أعرفك. حتى أنني ألقيتُ عليك السلام ومضيت لأنني لم أعرفك. ولو عرفتك ربما لكنتُ تعوّذتُ منك، ولكنّني لم أعرفك.
فعن أي حياة تتحدث، وعن أي نسيان تتحدّث وعن أي رجوع تتحدّث. نعم نسيتك كما نسيت الأرض الطغيان بعد طوفان نوح، نسيتُك كما ينسى الجلد ما اندمل من الجروح ، نسيتُك كما ينسى الجنين نفخ الرّوح، نسيتك كما لم ينس أحد.
فلا ترهق نفسك.
ولا ترهق نفسي.
لم أعد أحبُّك، واحْمَدِ اللهَ أنّني لم أعد أحبُّك، لكنتُ أحرقْتُكَ... وأحرقْتُني.
هادية قننة
تعليقات
إرسال تعليق