التخطي إلى المحتوى الرئيسي

صهيل في حضن الحداد بقلم الكاتبة المغربية أسماء خوجة

صهيل في حضن الحداد
*******************

في حضن الحداد، حيث تتكئ الأيام على أرصفة الذهول، ويعلو أنين الأرض على صمت العالم، ينبثق الصهيل من بين دموع الثكالى ونبضات الأمهات. هناك، في زوايا الركام، تولد نساءٌ لا يشبهن الظل، بل يَكسرن ليل الحزن بنور التحدي.
هي المرأة الفلسطينية، حين ينام العالم على حرائقها، تصحو على حليب العزيمة، وتغرس في تربة الفقد نبتةَ كرامة.
لستُ أروي حكاية، بل أُسجّل شهادة. شهادة على صهيل لا يصدر من أفواه الخيول، بل من قلوب النساء…
من رحم الحداد، يولد الوطن.
تهمس أطنان الركام بصوت خافت خوفًا أن تسمعها الفلسطينية، فتقول لما تبقى من بنيان واقف:
"أنا أغبطكِ، أختاه... فأنتِ كالمرأة الفلسطينية، لا تهابين صواريخ ولا قنابل فوسفورية. شامخةٌ مهما كان نوع البلية، تحملين لتسعة أشهر وتنجبين الصبي أو الصبية، فترضعينه البسالة والتحدي والوطنية، وتربينَه على الوفاء للقضية."
تزفّ فلذات كبدها عرسانًا وعرائس للتضحية، والعرس شهادة، والمهر من الله هدية.
تدفن أبناءها بفخر وقلوب عصية، وتنجب جيلاً جديدًا ليكمل درب القضية، ويحقق أزكى وصية.
تسقط، وتلملم شتاتها، وفي قلبها ألف شظية، لكنها تبقى للعهد والوعد وفية.
يتيمة، أرملة، فاقدة للولد والحرية، لكنها تظلّ أيقونةً للصبر والتحدي والتضحية، رمزًا للكفاح، حرّةً أبيّة، هي روحُ الروح، الفؤادُ المجروح، والآلامُ المخفيّة.
مهما قلتُ، ومهما أقول، الواقع في فلسطين فاق المعقول، والكل يقف متفرّجًا مذهول.
أنا شاهدة على ما قاست وتقاسي، على ما عانت من مآسي، على أنينها المدفون، وصراخها المشجون، على دمعها المتحجّر في العيون، وعلى حياتها التي اغتيلت منذ سنين.
شاهدة على الكثير من الشجون، وما عدتُ، وأنا بصخوري، أقوى على الصمود.
فلكِ الله يا أيتها الأيقونة الجلمود.
طوفانٌ قادمٌ يحرق بطش الأعادي، وينتقم لدماء أكبادي، يا شجعان بلادي...
النصر وعدٌ قريبٌ ينادي، والليل الطويل الحالك سيبزغ صبحُه أكيد، ومهما طغى، فكل ظلم هالك، ولنا مع الحرية مواعيد.

أسماء خوجة/ المغرب

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار صحفي مع الكاتب محمد بالحياني مع مجلة إيلزا الأدبية للإناث

حوار مع الكاتب والأستاذ محمد بالحياني المقدمة: هناك كُتّاب لا يكتبون لمجرد الكتابة، بل يحاولون أن يتركوا أثرًا، أن يحركوا شيئًا في القارئ، أن يجعلوا الكلمات مرآة تعكس واقعًا أو خيالًا يحمل بصماتهم الخاصة. محمد بالحياني، أحد هؤلاء الذين اختاروا أن يكون الحرف سلاحهم، والرؤية عماد نصوصهم. في هذا الحوار، نقترب من تجربته، نغوص في أفكاره، ونكشف أسرار رحلته الأدبية. المعلومات الشخصية: الاسم: محمد بالحياني السن:27سنة البلد:الجزائر- البيض الموهبة:كاتب الحوار: س/ مرحبا بك محمد تشرفنا باستضافتك معنا اليوم بداية كيف تعرف نفسك لجمهورك ومن يتابعك دون ذكر اسمك؟  ج/في الغالب أكون متحدث سيئ عن نفسي، لكن يمكنني أن أختصر بالفعل وأقول محمد عبد الكريم بلحياني ، من ولاية البيض بالضبط بلدية المحرة ، عاشق للكتابة ورائحة الكتب ، اعمل اداري للصحة العمومية ،  انسان مهووس بتفاصيل التفاصيل ، عاشق للكتابة وما يحيط بها من حالات متناغمة من الوحدة، الجمال، والتناسق مع الطبيعة ، كان اول مؤلف لي بعنوان الخامسة صباحًا الذي شاركت به في المعرض الدولي للكتاب سيلا 23  وثاني عمل كان رواية بعنوان بروخيريا التي ش...

( الشيروبيم) بقلم الكاتبة مروة صالح السورية

( الشيروبيم) مقدمة: في مكانٍ ما على سطح وجهها النقي ارتفعت الأمواج وأغرقت جُزراً بنية تحدّها شطآن وردية هذه الجزر التي لا نبحر إليها بل تبحر بنا إلى عالم لا يعرف الحروب ولا الجراح يقال إن الملائكة لا تُرى لكن هنا... ترسل السماء نوراً يجعل الزمن يحني رأسه إجلالاً لهذه اللحظة الخالدة التي سنشاهد فيها الشيروبيم يتجلى على هيئة ابتسامة تطوي المسافة بين الغرق والنجاة وتحيي الأمل في قلب كل من يؤمن بالأساطير وبأن حياةً جديدة قد تولد بعد الغرق النص: حين تبتسم تعلو أمواج خديها فتُغرق جُزر عينيها البنيتين وتُحلّق الفلامينغو من شطآن جفنيها الورديتين تلك الجزر وشطآنها التي تنقذني كلما واجهت تيارات بحر الحياة فأمكث بها لاكتشاف أساطير حبٍ جديدة حين تبتسم وفي منتصف شفتها العلوية يبسط طائر النورس جناحيه فتتوازن خطواتي وتتلاشى انكساراتي حين تضحك تدندن ضحكاتها على أوتار عمري فتصدر سمفونية سلام تنهي حروبًا وتشفي جراحًا لا علاقة لها بها حين تضحك تنكشف ثماني لآلئ بيضاء تنثر النور في ظلمات أيامي ويولد الفجر من جديد إنها ليست مجرد حركة شفاه... إنها لحظة خلود تتوقف عندها كل الأزمنة ومن رحم هذا السكون تُولد أع...

ركلة جزاء.pdf

 عنوان الكتاب : ركلة جزاء  مجموعة مؤلفين  إشراف وتدقيق : بشرى دلهوم تصميم وتنسيق : بشرى دلهوم  الناشرة :مجلة إيلزا الأدبية للإناث سنة النشر : 21جانفي 2025 لتحميل الملف اضغط هنا  ركلة جزاء.pdf