العنوان: أدب المرأة: هل هو الإشكالية أم الحل؟
المرأة مفهوم فلسفي وأدبي زئبقي، تم تأصيله عبر الزمن في مراحل متقطعة، وذلك تبعاً لحتميات تاريخية وأيديولوجية مختلفة، استدعت من المفكرين التساؤل عن قيمة المرأة كوعي يضخ الجيل البشري بالمادة الخام للتطور، باعتبارها المسؤول الأول والجوهري عن التربية في مراحلها الأولى. فإن فسدت بذور الطفل فسد المجتمع، وإن صلحت منابعه وارتقت، تحضّر الشعب ونما في كافة المجالات، وأولاها الفكرية، إذ إن التربية، كما وصفها كانط في كتابه تأملات في التربية، من أصعب الاكتشافات، واعتبرها فناً في سياسة البشر.
إلى جانب ذلك، ونظراً لسوء تعليم المرأة – وإن لم يكن انعدامه – لم تكن لها تلك الإضافة النوعية في مجالات الأدب والفلسفة والفكر وصناعة السياسة والحكم والتاريخ، إلا في مراحل متأخرة. فلم تختص المرأة بالتعليم والبحث عن الحقيقة إلا نادراً، ونذكر هنا الفيلسوفة هيباتيا التي نالت شرف السبق، فقد كانت تتعلم وتُعلِّم الرياضيات والفلسفة، وتتناقش في موضوع الكونيات بشغف، الأمر الذي انتهى بقتلها بطريقة وحشية على يد المتعصبين، الذين رفضوا هذه الثورة في انتقال المرأة من خادمة للأسرة إلى قائدة علمية وعملية.
وليس بعيداً عن هذا الطرح، نجد الفيلسوف أبيقور قد أقر بحق المرأة في التعليم، ولم يمنعها من البحث. ويجدر بالذكر أن للمرأة جهوداً قديمة في مراكز عدة، لكن لم نشهد لها استمرارية وازدهاراً لأسباب عدة، منها:
أولاً: عوامل تاريخية
كان التاريخ يمجّد الرجال أكثر، لأنهم كانوا الحكّام والساسة والجنود. غير أن هناك استثناءات لافتة، فقد قدّست بعض الأساطير الأنثى، واعتبرتها الإله الخالق، والسامح باستمرار الحياة من خلال الرحم الذي وصف في الحضارة المصرية القديمة بمفتاح الحياة. وكانت المرأة في بعض الحضارات حاكمة وملكة، ومثال ذلك الأمازيغ الذين عرفوا الملكة المحاربة. ونذكر هنا لالة فاطمة نسومر، عظيمة الجزائر المخلّدة، التي عُرفت بقوة شخصيتها وشجاعتها في المقاومة، إلى جانب اتساع معرفتها.
ثانياً: عوامل اجتماعية
لم تكن المرأة تهتم كثيراً بهذه الجوانب الفكرية، لأنها كانت تعتبر الأمومة هدفها الرئيسي، وهذا فيه شيء من الصحة. فقد كانت المرأة تنشغل بتربية الأولاد والحفاظ على زوجها وبيتها. كما أن فكرة المدرسة نفسها حديثة نسبياً.
ثالثاً: عوامل أنثروبولوجية
كانت المرأة البدائية ذات عقل عملي، يميل إلى الجوانب الحياتية اليومية، مما دفعها لتخصيص وقتها للطهي والتنظيف وأعمال الزراعة، ولم تكن الحياة آنذاك بالسهولة التي نعرفها اليوم.
وهذه جملة من العوامل، إلى جانب عوامل أخرى سياسية وثقافية وغيرها. وما يهم في هذا التقسيم هو إدراك حجم التأزم الذي شكّل انسداداً حضارياً عاشته المرأة في تلك العصور.
لكن مع التعلم، وتنوير الفكر، وتحريره، ومع تكريم المرأة – كما فعل الإسلام حين أعطاها حقاً في الميراث والرأي – تغيّر الحال. فقد قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: "ما أكرمهن إلا كريم"، وقوله أيضاً: "استوصوا بالنساء خيراً". فالمرأة هي محور الحضارة، وما نراه اليوم من نظام التفاهة يبرز مساعي خبيثة لإيقاع المرأة في أزمة الهوية والجندرية.
فالمجتمع عماده المرأة، وعاطفة الأم الوجدانية التي تزرع الضمير والأخلاق في ثقافات باتت جائعة لكل ما يتعلق بالأخلاقيات الفاضلة. وإلى اليوم، لا تزال المرأة تصارع في المجتمعات الذكورية من أجل وجودها العلمي والفلسفي، طامحةً لتتغلب على الدوغمائية، وتصبح شريكة لأخيها الرجل، لا تابعةً له، حتى نتحرر من فخ العبودية المقنّعة، ونصل إلى الحرية والعيش المشترك، مصداقاً لقوله تعالى: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم."
بقلم الأستاذة أحلام ذكرى ملاخسو
🩷🩷🩷
ردحذف