التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حوار صحفي مع الكاتبة حياة غماز مع مجلة إيلزا الأدبية للإناث الجزائرية

مقدمة
في عالمٍ مزدحم بالأصوات والأفكار، هناك أقلام تكتب لتترك أثراً لا يُمحى، وأرواح تتنفس الإبداع بكل تفاصيله. من ولاية تيارت، إحدى أيقونات الجزائر الثقافية، برزت الكاتبة غماز حياة كصوتٍ متطلع وشغوف بالكتابة منذ نعومة أظافرها. متحصلة على شهادة الليسانس في علم الاجتماع العام، وشهادة الماستر تخصص علم اجتماع الاتصال، لم تكتفِ غماز حياة بدراستها الأكاديمية فحسب، بل مزجت بين خلفيتها العلمية وموهبتها الفطرية في الكتابة، لتخُطّ لنفسها اسماً لامعاً بين الأقلام الشابة.
شاركت في العديد من الكتب الجامعة الورقية والإلكترونية، وحازت على شهادات تقدير من دور نشر مرموقة، كما أثبتت حضورها في مسابقات أدبية إلكترونية، واضعةً بصمتها الخاصة في كل عمل تخوضه.
في هذا العدد من مجلة إيلزا، كان لنا هذا الحوار الشيق مع غماز حياة، حيث حدثتنا عن مسيرتها، شغفها، والتحديات التي واجهتها، لتشاركنا رؤيتها حول الكتابة، الحياة، والطموحات التي تحملها لمستقبلها الأدبي..

1. بداية، من هي غماز حياة لمن لا يعرفها؟
غماز حياة شابة جزائرية، لم تكن حياتها حافلة بالنجاحات أو التفاصيل الشيقة، لكنها وجدت في الكتابة عالمها الخاص. انصبَّ اهتمامها في خط سطور تعكس دواخلها، فعشقت الكتابة منذ أن وعَت الوجود وأدركت حقيقة الحفرة التي وقعت فيها.
2. كيف كانت بدايتك مع عالم الكتابة؟ وهل تتذكرين أول شيء كتبته؟
أتذكر أنني بدأت الكتابة في مرحلة الثانوية، كنت آنذاك أعبر عن كل شعور وكل موقف، أكتبه على الورق ثم أمزقه بعد ذلك. لكن لاحقًا، جاءت فكرة النشر على صفحات الفيسبوك والالتحاق بمجموعات أدبية إلكترونية، ثم ازداد اهتمامي بالحضور إلى جلسات أدبية تهتم بالأدب والكتابة والكتّاب.
3. ما الذي دفعك لاختيار علم الاجتماع كتخصص دراسي، وكيف أثر ذلك على كتاباتك؟
اخترت تخصص علم الاجتماع لأنه يتعلق بالمجتمع والعلاقات العامة، ويسعى لفهم الواقع والأفراد. أما تخصص الاتصال، فكان هدفي منه تعلم تقنيات التواصل مع الآخرين وأساليبه المختلفة.
4. هل كانت العائلة والمحيط مشجعين لكِ منذ البداية؟
نعم، كان والداي من أكبر الداعمين والمشجعين لي في الكتابة، خصوصًا أمي، التي كانت تقرأ لي باستمرار وتساندني. كما أنني وجدت دعمًا من بعض الأقارب أيضًا.
عن الكتابة والإبداع
5. ماذا تعني لكِ الكتابة؟ وهل هي مجرد هواية أم وسيلة تعبير أعمق؟
الكتابة بالنسبة لي هي حياتي الثانية، متنفسي الوحيد الذي يجعلني أعتزل تفاهة الواقع وأنطوي في عالمي الخاص. حتى لو بدا هذا العالم مؤلمًا في كثير من الأحيان، فإنه حقيقي. لا يمكن اعتبارها مجرد هواية أو وسيلة تعبير فقط، بل هي أعمق من ذلك بكثير… هي نجاتي، وشقيقة الروح مني، هي أماني.
6. ما هي المواضيع أو القضايا التي تفضلين تناولها في كتاباتك؟
أكتب باستمرار عن مختلف المشاعر التي نمر بها، عند الخيبات والخذلان، عن الوجود والحياة عمومًا. لي نظرة فلسفية تميل إلى التشاؤم، حيث يبدو أن قلمي لا يرى النور وسط العتمة، فهو يخطُّ بالحبر الأسود فقط.
7. من أين تستلهمين أفكارك عادةً؟
أستلهم كتاباتي من كل ما أرى وأسمع وأعيش، أستمدها من الواقع وأستنتج المعاني من الوقائع والحقائق المحيطة بي وفي العالم.
8. هل تعتمدين على أسلوب معيّن في الكتابة أم تتركين قلمك يسير بعفوية؟
اعتدتُ أن ينساب قلمي بالحزن، لكن لا مانع لدي من تغيير الأسلوب إذا طُلب مني الكتابة في موضوع محدد، كالحب أو الجمال مثلًا.
9. كيف ترين واقع الكتابة النسوية في الجزائر والوطن العربي بشكل عام؟
واقع الكتابة النسوية محدود جدًا، فالمرأة غالبًا ما ترى نفسها ضعيفة وغير قادرة على البوح بمخاوفها وأحاسيسها بسبب نظرة المجتمع. يُتوقع منها البقاء في المنزل وتربية الأجيال، مما يجعلها تتحمل مسؤوليات كثيرة فلا تجد الوقت للكتابة. وإن وجدت الوقت، فهي في الغالب تكون متحفظة جدًا.
أما الكتابة في الجزائر والوطن العربي عمومًا، فهي فقيرة ومظلومة، ولم تأخذ حقها في المجتمع، لأن فئة قليلة فقط تهتم بالأدب. أتمنى أن تحظى الكتابة بمكانة أكبر في المستقبل، لأنها في النهاية تمثل الجمال والأخلاق والرقي.
10. ما هو التحدي الأكبر الذي واجهك ككاتبة شابة جزائرية؟
التحدي الأكبر كان الجرأة على الكتابة والتعبير عن كل مشاعري وأفكاري، ومواجهة الواقع بقلم ينبض ألمًا وتساؤلًا.
الإنجازات والتجارب
11. حدثينا عن مشاركاتك في الكتب الجامعة الورقية والإلكترونية، وأيها الأقرب إلى قلبك؟
شاركتُ في عدة كتب ورقية، أولها كان كتاب جامع نُشر في الأردن بعنوان أرواح متقاربة، وكانت تجربة جميلة جدًا. ثم جاءت مشاركتي في كتب رحلة أسطر، غفوة نفوس، وضوء القمر. في كل كتاب وضعت بصمتي، وجميعها أثرت فيّ.
أما المشاركات الإلكترونية، فهي كثيرة جدًا، لكنني أشعر أنها لم تأخذ حقها من النشر لأنها بقيت محصورة في العالم الرقمي.
12. حصلتِ على عدة شهادات تقدير من دور نشر، ماذا تعني لك هذه الجوائز والتكريمات؟
حصلتُ على شهادات تقدير إلكترونية عديدة، بالإضافة إلى شهادات مشاركة ورقية. أرى أنها أثبتت قوة قلمي، وكانت نقطة دعم مهمة شجعتني على الاستمرار في الكتابة والمشاركة في المسابقات.
13. كيف كانت تجربتك مع المسابقات الإلكترونية؟ وهل تعتقدين أنها ساهمت في تطوير مهاراتك؟
نعم، ساهمت بشكل كبير في تطوير مهاراتي، حيث استفدتُ من النقد البنّاء وتعلمتُ من أخطائي.
عن المستقبل والطموحات
14. هل تخططين لإصدار كتاب خاص يحمل اسمك قريبًا؟
أصدرتُ أخيرًا كتابي الخاص بعنوان أوهام حقيقية، وهو مولود أدبي أنيق المحتوى، جريء في اعترافاته.
15. ما هو الحلم الأكبر الذي تطمحين لتحقيقه في عالم الكتابة؟
أن أصل إلى مستوى عالٍ في فن الكتابة، ربما عبر تأليف رواية تحاكي العالم بتفاصيله، وتؤثر في حياة الآخرين. كما أتمنى أن تكون كتاباتي نافعة، وأن أخرج من حزني إلى النور، وأتمكن من تغيير أسلوبي يومًا ما.
16. كيف توازنين بين حياتك اليومية واهتمامك بالكتابة؟
حياتي اليومية مليئة بالكتابة، فأحيانًا أثناء الطهي يأتيني الإلهام، فتبدأ السطور تتطاير في ذهني. لكن المشكلة أنني غالبًا أنسى ما فكرتُ به، فيضيع الكثير من العبارات هباءً.
17. برأيك، ما الذي يحتاجه المشهد الثقافي الجزائري لدعم الكتّاب الشباب أكثر؟
يحتاج إلى أعمال راقية ذات محتوى أنيق، وتشجيع على تطوير الأدب في مختلف المجالات، مثل المسرح والأفلام وكتابة السيناريوهات. كما أن دعم الكتاب الشباب بالمسابقات والتحفيزات أمر ضروري.
18. هل تفكرين في خوض تجربة خارج حدود الجزائر، مثل الترجمة أو النشر العالمي؟
نعم، ولمَ لا؟ فالحلم مجرد أمل قيد التنفيذ.
أسئلة خفيفة شخصية
19. من هم الكُتاب الذين تركوا بصمة في حياتك؟
محمود درويش، أحمد توفيق، والفيلسوف الروسي دوستويفسكي، فقد ألهمتني مقولاته كثيرًا.
20. لو لم تكوني كاتبة، أي مجال آخر كنتِ ستتجهين إليه؟
ربما المسرح أو الموسيقى.
21. كلمة أخيرة تحبين توجيهها لقرّائك ومتابعيكِ.
الكتابة فنّ جميل، ما عليك سوى أن تطلق العنان لقلمك، وتتحرر من قيود دواخلك وعُقد واقعك. أنت حرٌّ في التعبير والعيش من دون ألم، يكفي أن تكتب.
أسعدتني هذه الأسئلة، لأنها جعلتني أتعرف على نفسي من جديد، وربما لم أكن أعرفها بهذا العمق من قبل.
أتمنى التوفيق والنجاح للمبدعة أسماء، ولكل أعضاء المجلة والقائمين على هذه المبادرات الأنيقة. لكم مني كل التقدير والمحبة.
في ختام هذا الحوار، يتّضح أن الكتابة بالنسبة لغماز حياة ليست مجرد حروف تُسطَّر، بل هي صوتٌ ينبض بالحقيقة، وعالمٌ يترجم مشاعرها وأفكارها العميقة. بين شغفها بالأدب وسعيها المستمر للتطور، تظل كلماتها مرآة لواقعها ورؤيتها الفلسفية للحياة.
ولا ننسى دورها في دعم القضايا الإنسانية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث حمل قلمها صوت غزة الجريحة، وعبّر عن معاناة أهلها، مؤكدةً أن الكتابة ليست فقط فعل إبداع، بل موقف ورسالة.
نتمنى لها المزيد من النجاح والتألق، وأن تبقى كلماتها منارةً تنير دروب القرّاء، وتحمل قضايا الإنسان والحق بكل صدقٍ وجرأة.
المؤسسة مجلة إيلزا الأدبية للإناث 
المديرة بشرى دلهوم 
رئيسة هيئة التحرير أسماء أقيس

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار صحفي مع الكاتب محمد بالحياني مع مجلة إيلزا الأدبية للإناث

حوار مع الكاتب والأستاذ محمد بالحياني المقدمة: هناك كُتّاب لا يكتبون لمجرد الكتابة، بل يحاولون أن يتركوا أثرًا، أن يحركوا شيئًا في القارئ، أن يجعلوا الكلمات مرآة تعكس واقعًا أو خيالًا يحمل بصماتهم الخاصة. محمد بالحياني، أحد هؤلاء الذين اختاروا أن يكون الحرف سلاحهم، والرؤية عماد نصوصهم. في هذا الحوار، نقترب من تجربته، نغوص في أفكاره، ونكشف أسرار رحلته الأدبية. المعلومات الشخصية: الاسم: محمد بالحياني السن:27سنة البلد:الجزائر- البيض الموهبة:كاتب الحوار: س/ مرحبا بك محمد تشرفنا باستضافتك معنا اليوم بداية كيف تعرف نفسك لجمهورك ومن يتابعك دون ذكر اسمك؟  ج/في الغالب أكون متحدث سيئ عن نفسي، لكن يمكنني أن أختصر بالفعل وأقول محمد عبد الكريم بلحياني ، من ولاية البيض بالضبط بلدية المحرة ، عاشق للكتابة ورائحة الكتب ، اعمل اداري للصحة العمومية ،  انسان مهووس بتفاصيل التفاصيل ، عاشق للكتابة وما يحيط بها من حالات متناغمة من الوحدة، الجمال، والتناسق مع الطبيعة ، كان اول مؤلف لي بعنوان الخامسة صباحًا الذي شاركت به في المعرض الدولي للكتاب سيلا 23  وثاني عمل كان رواية بعنوان بروخيريا التي ش...

( الشيروبيم) بقلم الكاتبة مروة صالح السورية

( الشيروبيم) مقدمة: في مكانٍ ما على سطح وجهها النقي ارتفعت الأمواج وأغرقت جُزراً بنية تحدّها شطآن وردية هذه الجزر التي لا نبحر إليها بل تبحر بنا إلى عالم لا يعرف الحروب ولا الجراح يقال إن الملائكة لا تُرى لكن هنا... ترسل السماء نوراً يجعل الزمن يحني رأسه إجلالاً لهذه اللحظة الخالدة التي سنشاهد فيها الشيروبيم يتجلى على هيئة ابتسامة تطوي المسافة بين الغرق والنجاة وتحيي الأمل في قلب كل من يؤمن بالأساطير وبأن حياةً جديدة قد تولد بعد الغرق النص: حين تبتسم تعلو أمواج خديها فتُغرق جُزر عينيها البنيتين وتُحلّق الفلامينغو من شطآن جفنيها الورديتين تلك الجزر وشطآنها التي تنقذني كلما واجهت تيارات بحر الحياة فأمكث بها لاكتشاف أساطير حبٍ جديدة حين تبتسم وفي منتصف شفتها العلوية يبسط طائر النورس جناحيه فتتوازن خطواتي وتتلاشى انكساراتي حين تضحك تدندن ضحكاتها على أوتار عمري فتصدر سمفونية سلام تنهي حروبًا وتشفي جراحًا لا علاقة لها بها حين تضحك تنكشف ثماني لآلئ بيضاء تنثر النور في ظلمات أيامي ويولد الفجر من جديد إنها ليست مجرد حركة شفاه... إنها لحظة خلود تتوقف عندها كل الأزمنة ومن رحم هذا السكون تُولد أع...

ركلة جزاء.pdf

 عنوان الكتاب : ركلة جزاء  مجموعة مؤلفين  إشراف وتدقيق : بشرى دلهوم تصميم وتنسيق : بشرى دلهوم  الناشرة :مجلة إيلزا الأدبية للإناث سنة النشر : 21جانفي 2025 لتحميل الملف اضغط هنا  ركلة جزاء.pdf