بختي ضيف الله، أديب جزائري، صدر له أحد عشر كتابا إبداعيا في القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا والشعر والرواية، وله مقالات أدبية في مختلف الجرائد والمواقع العربية.
المحور الأول: الكتابة كهوية فكرية
1. في كتاباتك، هناك تداخل واضح بين الواقع والخيال، إلى أي مدى ترى أن الأدب قادر على إعادة تشكيل الحقيقة؟ وهل الكتابة فعل توثيق أم فعل مقاومة؟
- سؤال جيد، في كتاباتنا نمتطي صهوة الخيال من أجل الوصول إلى الحقيقة التي قد نختلف حولها، فنحن نوثق أحداث السير إليها، وقد نقاوم من أجل إقناع الآخر بها.
2. شخصياتك غالبًا ما تحمل بعدًا سيكولوجيًا عميقًا، هل ترى أن الأدب ملزم بكشف تعقيدات النفس البشرية، أم أن وظيفته الأساسية هي طرح الأسئلة فقط؟
- أحيانا نكتب ونخرج ما في داخلنا دون أن ننتبه، فمن الصعب أن يكون الكاتب متجردا من أحاسيسه. وأما في كتاباتي فأنا أحاول الدخول إلى نفس القارئ من خلال شخصياتي التي أرسمها، لأمرر معنى من المعاني، أرى أنه من الضروري الدخول في أعماقه؛ فنحن أمام إنسان يحمل روحا، ومن ثم يكون من السهل طرح أسئلتنا لنتلقى إجابات، وقد تبقى هذه الأسئلة مطروحة دون إجابات.
3. إلى أي مدى تجد أن اللغة السردية يمكن أن تتحول إلى أداة فلسفية، لا مجرد وسيلة للتعبير؟
في رأي، اللغة السردية ذاتها لغة فلسفية، هذا منهجي في الكتابة الإبداعية، وإلا نحن نسجل أحداثا وأخبارا، يتقنها الصحفي.
4. كثيرون يتحدثون عن “موت المؤلف” بعد نشر العمل الأدبي، هل توافق على أن النص يصبح مستقلاً عن صاحبه، أم أن الكاتب يظل جزءًا من تفسير نصه؟
- في رأيي لا يمكن إبعاد الكاتب عن نصه، إلا إذا كنا نقصد أن دوره ينتهي عند الناقد الذي يستعمل أدواته الأكاديمية، ويدخل أغوار النص.
المحور الثاني: تحولات الرواية العربية والجزائرية
5. في ظل التحولات الكبرى التي تشهدها المجتمعات العربية، هل تعتقد أن الرواية العربية تأخرت في مواكبة القضايا الجديدة مقارنة بالأدب الغربي؟
- قدمت الرواية الغربية صورة الإنسان الغربي للعالم، منتصرا في جميع حروبه، وجملته كمنقذ للبشرية، لكننا بقينا نجتر ونعيد ما كتبه دون أن ننتبه أن لنا سرديتنا الخاصة لقضايانا المعقدة، بل لم ندافع حتى عن قيمنا التي شوهها الغرب.. فكم رواية كتبت عن غزة؟!
6. ما رأيك في النقاش حول “جزأرة الرواية”، أي جعلها تنبع كليًا من خصوصية الثقافة الجزائرية؟ هل ترى في ذلك ضرورة أم قيدًا على الإبداع؟
- نعم لابد من تقديم صورتنا الثقافية الجزائرية دون الابتعاد عن عالمنا العربي والإسلامي، فنحن ننتمي إلى أمة وجغرافية، والإبداع في كل شبر من هذا العالم.
7. هل تعتقد أن الرواية الجزائرية نجحت في تجاوز الخطاب الأيديولوجي الذي طبعها لعقود، أم أن هناك ما زال تأثيرًا لمرحلة الثورة والاستقلال؟
- ربما لكل مرحلة أقلامها، فما كتبه الطاهر وطار رحمه الله عن تلك المرحلة ضروري على الأقل بالنسبة له، وهو الإنسان الذي ذاق طعم الاحتلال والاستقلال، ولا تزال الثورة العظيمة في نصوصنا موقدة تدفعنا من جديد للكتابة بأساليب جديدة.
المحور الثالث: التجريب والحداثة في السرد
8. نشهد اليوم تجارب روائية تميل إلى تفكيك الزمن والخروج عن الحبكة الكلاسيكية، هل ترى أن هذه التجارب تُثري الرواية، أم أنها مجرد استعراض شكلي؟
- وهذا الذي أراه في كتباتي الإبداعية، الروائية منها، وهذا ليس تمردا مقصودا عن الحبكة الكلاسيكية، وإنما لتغير صور الحياة وحركتها؛ فكيف تكتب نصا( ثقيلا) في حياة سريعة جدا، ولعل هذا ما نجده أيضا في السينما وغيرها من الفنون..
9. في أعمالك، كيف تتعامل مع مفهوم الزمن الروائي؟ هل تراه خطيًا كما في السرد التقليدي، أم أنه عنصر قابل للتلاعب والتداخل وفق رؤية الكاتب؟
- ربما هذا الأصعب في الكتابة الإبداعية، وهو ليس تلاعبا، وإنما هو القدرة على استعماله وما يتناسب مع العمل الإبداعي، والحديث في هذا يطول..
10. ما حدود التجريب في الرواية برأيك؟ متى يصبح ضرورة، ومتى يتحول إلى مجرد عبث لغوي لا يخدم النص؟
- التجريب ضروري في هذه العوالم المتحولة والمحورة، شريطة أن لا يكون عبثا لغويا.
المحور الرابع: العلاقة مع القارئ والنقد
11. بين القارئ العادي والناقد المتخصص، لمن تكتب؟ وهل تشعر أحيانًا بأن الكاتب مضطر لمراعاة الذائقة الجماهيرية على حساب العمق الفني؟
- أنا لا أكتب، للناقد الأكاديمي.. القارئ هو الناقد الأول.. أنا أصفه بأستاذي القارئ.. و عليّ إقناعه ولو بعد حين..
12. كيف تتعامل مع النقد الأدبي؟ هل تؤمن بأن النقد قادر على توجيه الكاتب، أم أن الكاتب هو من يقود النقد إلى مساحات جديدة؟
- أنا دائما أقول: لا نقد دون إبداع، ولا إبداع دون نقد.. نعم، يساهم النقد في توجيه الكاتب، ومهما كان النص رائعا فهو في حاجة للنقد ليقدم جماليته للقارئ.
13. كيف ترى واقع النقد في الجزائر والعالم العربي؟ وهل تعتقد أن هناك أزمة نقد حقيقية أم أن المشكلة تكمن في عدم وصول النقد الجاد إلى القارئ العام؟
- نعم فيه أزمة نقدية في الجزائر والعالم العربي لغياب مدرسة نقدية قادرة على تتناول نصوص مبدعينا، دون الاستعانة بآليات غربية ليست منا في شيء، وهذا لا يعني نكران جميل الآخر..
المحور الخامس: الأدب والتكنولوجيا
14. مع صعود الرواية الرقمية، والذكاء الاصطناعي القادر على توليد نصوص أدبية، كيف ترى مستقبل الإبداع؟ هل تعتقد أن الأدب يمكن أن يفقد جوهره الإنساني؟
- ما أخشاه أن سوء استعمال الذكاء الاصطناعي سيولد غباء اصطناعيا ذا نصوص أدبية مشوهة دون روح.. وسيفقد الأدب جوهره الإنساني..
15. هل سبق لك أن فكرت في توظيف التقنيات الحديثة (مثل السرد التفاعلي أو الوسائط المتعددة) في عملك الروائي؟ أم أن الرواية تظل في جوهرها تجربة لغوية لا تحتاج إلى وسائط خارجية؟
- أنا دائما أكتب لفكرة أحملها، وتقنية أرسمها .. ولغة عميقة أختار عباراتها بعناية فائقة، دون وسائط خارجية..
16. كيف أثرت وسائل التواصل الاجتماعي على علاقة الكاتب بجمهوره؟ هل ترى أنها قربت المسافات أم أنها أفسدت بعض الجوانب الإبداعية بسبب النزعة الاستهلاكية السريعة؟
- بالنسبة لي، قدمت لي وسائل التواصل الاجتماعي الكثير، قدمتني للقارئ العربي..
سوء استعمالها يقتل الإبداع..أكيد..
المحور السادس: رؤيتك للمستقبل الأدبي
17. كيف ترى المشهد الأدبي الجزائري اليوم؟ وهل هناك أسماء روائية شابة لفتت انتباهك وتعتقد أنها قادرة على تقديم إضافة نوعية؟
- قلت في إحدى الحوارات، أن بعض المبدعين الشباب يكتبون أحسن من الكبار، وهم قادرون على إضافة الكثير للمشهد الأدبي الجزائري.
18. إذا طُلب منك تقديم نصيحة للكتّاب الصاعدين، فماذا ستقول لهم بعيدًا عن النصائح التقليدية؟
- أقول له: أنت تستطيع أن تكون الأفضل.
19. هل يمكننا أن نتوقع منك عملًا جديدًا قريبًا؟ وهل هناك اتجاه جديد في أسلوبك أو أفكارك لم تجربه بعد وتود استكشافه؟
- نعم ستصدر- إن شاء الله- لي أعمال جديدة بأفكار وأساليب مبتكرة..
السؤال الأخير: خلاصة المسيرة
20. في زمن السرعة والانشغال، حيث يميل القارئ إلى النصوص القصيرة والمكثفة، هل تعتقد أن القصة القصيرة أصبحت تنافس الرواية الطويلة في قدرتها على إيصال المعنى والتأثير؟ أم أن للرواية بُعدًا لا يمكن اختزاله في نصوص موجزة؟
- نعم، في زمن السرعة، أصبحت للقصة القصيرة والقصيرة جدا، مكانة لدى القارئ لسرعة قراءتها، أما أنها تنافس الرواية، فلا أعتقد؛ فللرواية قراؤها، أما بالنسبة لاختزالها فهذا غير ممكن لما تحمله من خصائص تميزها عن الأجناس الأدبية الأخرى.
ولكن لا بد من الإشارة أن كثيرا من الروايات يغلب عليها الحشو، لا تحتاج حجما يجعلها مملة.، وهذا نجده في أشهر الروايات.
21. لو طُلب منك تلخيص تجربتك الأدبية في عبارة واحدة، فماذا ستقول؟
- ما زلت أبحث عن معنى أعمق.
مجلة إيلزا الأدبية للإناث
المؤسسة بشرى دلهوم
الصحفية أسماء أڨيس
تعليقات
إرسال تعليق