تحليل سيميائي لقصيدة "أمي سر الوجود" للكاتبة دروش آسيا
1. العنوان ودلالاته
العنوان "أمي سر الوجود" يحمل بعدًا دلاليًا عميقًا، حيث يربط بين الأم والوجود نفسه، مشيرًا إلى أن الأم ليست فقط سببًا في الوجود البيولوجي، بل هي الأساس الروحي والعاطفي الذي يمنح الحياة معناها. العنوان يوحي بالقداسة، حيث تُمنح الأم صفة محورية في تشكيل الحياة والوجود.
2. الرموز والدلالات
تعتمد القصيدة على مجموعة من الرموز التي تشكل نسيجها السيميائي العاطفي، منها:
"شمس" و"قمر": الشمس ترمز إلى الإشراق والحياة، بينما القمر يرمز إلى الحماية والرعاية في الظلام، مما يعكس دور الأم كمنارة في حياة الشاعرة، نهارًا وليلاً.
"سنديانة": رمز للقوة والثبات، مما يعكس صمود الأم في مواجهة الأزمات.
"بحر" و"موج": البحر رمز للعطاء اللامحدود، والموج يشير إلى احتواء الأم وتقلبات مشاعرها بين الحزم والحنان.
"درر" و"لؤلؤة": تمثل الأم كنزًا نادرًا وقيمة لا تقدر بثمن.
"نفح الياسمين" و"عبق": استخدام الروائح العطرة كرمز للمحبة والنقاء، حيث ترتبط الأم بالصفاء والجمال الروحي.
"كتاب الله": يضفي على الأم قدسية دينية، مما يعزز مكانتها في الوجدان الجمعي والديني.
3. الحقول الدلالية
القصيدة تتشكل من عدة حقول دلالية تبرز دور الأم:
1. حقل الطبيعة: (شمس، قمر، مطر، بحر، موج، ياسمين، زبد، سنديانة، نهر، سحوب)
يُظهر ارتباط الأم بالطبيعة كرمز للعطاء الدائم والدورة الحياتية المستمرة.
2. حقل القيم الروحية: (جنة، دعاء، رحمة، ضياء، كتاب الله، نتوب)
يُبرز الجانب الروحي والقدسي للأم، حيث ترتبط بمفاهيم الجنة والمغفرة.
3. حقل الأحاسيس: (حب، حنان، دفء، فرحة، سكينة)
يعكس المشاعر الدافئة التي تمثلها الأم في حياة الأبناء.
4. البنية السيميائية العميقة
يتشكل النص حول محورين رئيسيين:
1. الأم ككيان مادي محسوس: تتمثل في صور الطبيعة والعناصر الحسية مثل البحر، الزهور، والنجوم، مما يجعلها كيانًا حيًا في الذاكرة الجمعية.
2. الأم ككيان روحي متعالٍ: تتجسد في مفاهيم الجنة، الرحمة، والدعاء، مما يجعلها رمزًا للخلاص الروحي.
5. العلاقة بين الدال والمدلول
تعتمد القصيدة على الاستعارات المتداخلة، حيث يتم استبدال الأم بعناصر طبيعية وروحية، ما يخلق نظامًا دلاليًا مشبعًا بالمحبة والقداسة. هذا الربط يعزز من مفهوم الأم كقوة كونية جامعة بين الأرض والسماء، بين المادة والروح.
في الأخير نقول أن تحمل القصيدة بُعدًا سيميائيًا غنيًا، حيث تُصوَّر الأم كجوهر الوجود، ومصدر النور، والحماية، والعطاء اللامحدود. توظيف الرموز الطبيعية والدينية يجعلها قصيدة تتجاوز البعد الفردي إلى البعد الإنساني العام، مما يمنحها صفة الشمولية والتأثير العاطفي العميق.
المحللة السيميائية الكاتبة بشرى دلهوم الجزائرية
تعليقات
إرسال تعليق