التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رمضان في غربتي بقلم الكاتبة أسماء أقيس

رمضان في غربتي… لكنه لم يسلبني روحي
في الغربة، يسرقون منا الأذان، لكنهم لا يستطيعون أن يسكتوه في قلوبنا. يحرمون الشوارع من صوته، لكننا نردده سرًا بيننا وبين الله، كأنه عهدٌ لا ينكسر. هنا، لا تفوح روائح الإفطار من نوافذ البيوت، ولا تتزين الشوارع بفوانيس رمضان، لكن رغم كل هذا، لم يستطع البعد أن يطفئ النور الذي في قلبي.
أشعر بالوحدة حين أجلس إلى مائدة إفطار هادئة، لا ضحكات عائلتي، لا يد أمي تمتد نحوي لتسأل إن كنت قد شبعت، لا والدي يرفع يده بالدعاء فتطمئن روحي. لكني ما إن أخطو نحو المسجد، حتى أشعر أنني أعود إلى وطني… ليس وطنًا تحيطه الجغرافيا، بل وطنًا من الأرواح المتآلفة، من القلوب التي جاءت من شتى بقاع الأرض، لكنها اجتمعت هنا على نور الإيمان.
عندما أرى عيون الأطفال الذين أدرسهم في المسجد، عندما أسمع ضحكاتهم وهم يحاولون ترديد الآيات بعدي، أشعر أن الغربة تضعف قليلًا، أن الوطن يمكن أن يكون فكرة نزرعها حيثما كنا. وعندما ألتقي بمن هم مثلي، ممن تركوا بلادهم لكن لم يتركوا انتماءهم، أشعر أن هناك خيطًا غير مرئي يربطنا، خيطًا أقوى من الحدود، وأقوى من المسافات.
في كل سجدة، أرفع دعائي لله، لا فقط أن يعيدني إلى وطني، بل أن يجعل لي في غربتي أوطانًا صغيرة، في قلب كل طفل أعلّمه، في كل صلاة جماعة تجمعني بمن يشبهونني، في كل لحظة أشعر فيها أنني لست وحدي. الغربة صعبة، لكنها لن تسلبني رمضان، ولن تسلبني يقيني بأن الله يضع لنا العوض في أماكن لم نكن نتخيلها.
الكاتبة أسماء أقيس، فرنسا 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار صحفي مع الكاتب محمد بالحياني مع مجلة إيلزا الأدبية للإناث

حوار مع الكاتب والأستاذ محمد بالحياني المقدمة: هناك كُتّاب لا يكتبون لمجرد الكتابة، بل يحاولون أن يتركوا أثرًا، أن يحركوا شيئًا في القارئ، أن يجعلوا الكلمات مرآة تعكس واقعًا أو خيالًا يحمل بصماتهم الخاصة. محمد بالحياني، أحد هؤلاء الذين اختاروا أن يكون الحرف سلاحهم، والرؤية عماد نصوصهم. في هذا الحوار، نقترب من تجربته، نغوص في أفكاره، ونكشف أسرار رحلته الأدبية. المعلومات الشخصية: الاسم: محمد بالحياني السن:27سنة البلد:الجزائر- البيض الموهبة:كاتب الحوار: س/ مرحبا بك محمد تشرفنا باستضافتك معنا اليوم بداية كيف تعرف نفسك لجمهورك ومن يتابعك دون ذكر اسمك؟  ج/في الغالب أكون متحدث سيئ عن نفسي، لكن يمكنني أن أختصر بالفعل وأقول محمد عبد الكريم بلحياني ، من ولاية البيض بالضبط بلدية المحرة ، عاشق للكتابة ورائحة الكتب ، اعمل اداري للصحة العمومية ،  انسان مهووس بتفاصيل التفاصيل ، عاشق للكتابة وما يحيط بها من حالات متناغمة من الوحدة، الجمال، والتناسق مع الطبيعة ، كان اول مؤلف لي بعنوان الخامسة صباحًا الذي شاركت به في المعرض الدولي للكتاب سيلا 23  وثاني عمل كان رواية بعنوان بروخيريا التي ش...

( الشيروبيم) بقلم الكاتبة مروة صالح السورية

( الشيروبيم) مقدمة: في مكانٍ ما على سطح وجهها النقي ارتفعت الأمواج وأغرقت جُزراً بنية تحدّها شطآن وردية هذه الجزر التي لا نبحر إليها بل تبحر بنا إلى عالم لا يعرف الحروب ولا الجراح يقال إن الملائكة لا تُرى لكن هنا... ترسل السماء نوراً يجعل الزمن يحني رأسه إجلالاً لهذه اللحظة الخالدة التي سنشاهد فيها الشيروبيم يتجلى على هيئة ابتسامة تطوي المسافة بين الغرق والنجاة وتحيي الأمل في قلب كل من يؤمن بالأساطير وبأن حياةً جديدة قد تولد بعد الغرق النص: حين تبتسم تعلو أمواج خديها فتُغرق جُزر عينيها البنيتين وتُحلّق الفلامينغو من شطآن جفنيها الورديتين تلك الجزر وشطآنها التي تنقذني كلما واجهت تيارات بحر الحياة فأمكث بها لاكتشاف أساطير حبٍ جديدة حين تبتسم وفي منتصف شفتها العلوية يبسط طائر النورس جناحيه فتتوازن خطواتي وتتلاشى انكساراتي حين تضحك تدندن ضحكاتها على أوتار عمري فتصدر سمفونية سلام تنهي حروبًا وتشفي جراحًا لا علاقة لها بها حين تضحك تنكشف ثماني لآلئ بيضاء تنثر النور في ظلمات أيامي ويولد الفجر من جديد إنها ليست مجرد حركة شفاه... إنها لحظة خلود تتوقف عندها كل الأزمنة ومن رحم هذا السكون تُولد أع...

ركلة جزاء.pdf

 عنوان الكتاب : ركلة جزاء  مجموعة مؤلفين  إشراف وتدقيق : بشرى دلهوم تصميم وتنسيق : بشرى دلهوم  الناشرة :مجلة إيلزا الأدبية للإناث سنة النشر : 21جانفي 2025 لتحميل الملف اضغط هنا  ركلة جزاء.pdf