ازهري حيث ما كنتِ... شعارٌ يرفرف كعلمٍ في سماء مجلة أليزا للإناث، حملته بين طيات قلبي فألهمني كتابة هذه الكلمات. قبل سنوات، كنتُ أنشر رواية "زواج طفلة"، قصةٌ ككل القصص، وحكايةٌ ككل الحكايا... لا يهم إن كانت رواية جيدة أم لا، المهم هو تلك التفاصيل التي تختبئ خلف الكواليس. كانت تصلني رسائلٌ لا تُعد ولا تُحصى، بين شاكرٍ وناقدٍ، ومن يطلب للمزيد. وفي خضم هذا الزخم، لفتت انتباهي رسالةٌ من أخت تونسية، لم تكن تعلق أو تتفاعل، فظلت مجهولةً في عيني، حتى قرأتها بالصدفة على الخاص. قالت: "أختي الغالية، أنا أختك فلانة من تونس، مريضةٌ بمرضٍ عضال، وقد كنتُ أعاني من كآبةٍ شديدة بسبب ظروفي، حتى تابعتك فزال عني ذلك التعب، ووجدت سعادةً في قراءة حروفك... فلا تحرميني منها."
وكذلك شابٌ تونسي يعيش في غربةٍ بعيدة، لم أكن أعرف بوجوده في صفحتي حتى أرسل لي يقول: "عندما رأيتك تضعين علم الجزائر، قشعر بدني وبكيتُ فخرًا وحبًا ورهبةً... أنا في غربتي ترافقني كلماتك."
وعائلةٌ من الأردن راسلتني قائلةً: "نحن نجتمع كل ليلة، نطهو حلوى معينة، ونسهر معًا في انتظار نزول الفصل الجديد من روايتك. لقد زرعتِ فينا بذرةً جميلة، أن نجتمع كلنا في مكانٍ واحد، بعد أن كنا متفرقين، كلٌ في غرفته. العائلة الآن، من الجدة إلى الأحفاد، تجمعنا كلماتك."
وغيرهم الكثير... الكثير... هل تعرفون الآن لماذا نكتب؟ نحن لا نكتب لشهرةٍ ولا لجاهٍ ولا لكسبٍ مادي. يكفينا أن نزرع بسمةً على ثغر إنسانٍ في مكانٍ ما، لا نعرفه ولا نعرف ظروفه. يكفينا أن نكون نبضةً في قلبٍ كاد أن يتوقف من التعب والإهمال. نعيد البسمة، ونمسح دمعةً دون أن نطلب مقابلًا. نعم، تغيرت الصفحات، وصفحةٌ تلوا الأخرى، لكن تبقى الكاتبة خلف الصفحة هي نفسها. فهل سأتوقف عن الكتابة؟ أكيد لا... لن أتوقف حتى يتوقف نبضي. نعم، أزهري حيث ما كنتِ...
نور سين
تعليقات
إرسال تعليق