من أجل عيون والدايا.
كانت بمثابة توأم لروحي، أخت أنجبتها لي الحياة، وأنا كنت لها السند ذلك الضلع الثابت..
في مسيرتي الجامعية تعرفت على فتاة في نفس سني حتى أننا ندرس نفس التخصص ونفس السكن الجامعي، وقلت في نفسي لقد وجدت سند يعوضني عن عائلتي في الغربة، جرت لأيام والشهور وها أنا على مشارف إنهاء دراستي والتخرج، كنت مسرورة جدا، ولسيما قد بلغت مناي وها أنا أحقق حلمي وحتى أرفع رأس والدتي وأجعل من أبي يفتخر بي رغم أنه قد فارقنا منذ سنوات لكنها يسكن قلبي وعقلي قبله، كان حلمه أن يراني معلمة، لكن للأسف سرقته مني الأيام، أبي السند أبي الذي ضحى بكل شيئ من أجل أن يوفر لي الظروف الجيدة للدراسة، وأمي التي سهرت وتعبت وحتى أنها تحملت المسؤولية بعد أن ترملت ووجدت نفسها وحيدة بعد فراق والدي، فأصبحت الأم والأب في الوقت ذاته، من طلوع الشمس تقوم بإعداد الإفطار لي ولإخوتي الثلاث و بعدها تعد الغداء وتقوم بكل أعمالها المنزلية لترتدي ثوب أبي وتذهب للعمل العمل الذي كان عبارة عن بسطة صغيرة تبيع عليها مجموعة من الأشغال اليدوية المصنوعة من الخرز، وبجانبها مجموعة من حبات البيض. فبعدما كانت بعمر الثلاثين أصبح تبدو وكأنها في السبعينيات أو حتى الثمانينيات من عمرها، العمر ليس بلأرقام، أمي قد كبرها الهم والتعب، فبعد وفات والدي تكاثرت الديون وخذلها كل من حولها فلن يبقى لا صديق ولا خال ولا حتى عم يسندننا في تلك الظروف القاسية فلكل نفسي نفسي، آآه يازمن فعند حياة أبي كنا نعيش حياة الراحة فقد كان عمل أبي ميسور الحال ولا نحتاج لأي أحد بل كان الجميع ملتف حولنا طمعا في أبي.
كنت أدرس وأعمل في الوقت ذاته لأساعد أمي وعلى الأقل أحاول التخفيف عنها ولو في مصروفي، وكنت أتقاسم كل شيئ مع صديقتي حتى تفاصيل حياتي، لكن ياليتني مافعلت، أمي لم تكن مقتنعة بالدراسة بعيد عن منزلنا خوفا عني لكنني كنت مُصِرّة، لكن إحساس أمي كان صحيح وياليتني لم أذهب..
كنت أعمل في مركب تجاري مع صديقتي وبعد فترة بدا لي كأن هناك شخص يراقبني، وفي يوم من الأيام جاء شاب قاصدني فترددت ولم أرد عليه حتى قال لي أنا أود أن أتعرف عليك رفضت لكنه قام بتهديدي وإعطائي مهلة للتفكير والرد عليه، كون أمر الرفض لن يعجبه وعلى قوله لم ترفضه فتاة قط، ومضت الأيام وعاد بنفس الموضوع و وجد مني الرد ذاته فجن جنونه وأخبرني أن أكون حذرة، لم أُعير الموضوع أهمية بالغة وفي يوم الغد إذا بهاتفي يرن فوجدت رسالة من رقم مجهول وبها مجموعة من صوري نعم تلك الصور كلها التي كانت في هاتفي حتى وأنا دون حجاب، هُلِعت من ذلك وإذا بهاتفي يرن مرة وثانية وثالثة لأرد فإذا به صوت رجولي خشن، يسألني هل أعجبتك الصور؟ بدأت بالصراخ واللوم ومحاولة معرفة من أين له تلك الصور لكن دون جدوى نعم هو ذلك الرجل صاحب التهديد وبعد أيام أخبرني بأنه يود لقائي وعند الرفض عاد لتهديدي وإن لن أفعل سينشر صوري في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما زاد من خوفي وقبلت وعند لقائي به قام بتخديري وأخذ أعز ما أملك وتركني في مكان حتى أنني لا أعرفه، نعم لقد قام باغتصابي.
عدت إلى السكن الجامعي وأنا جثة هامدة لتصلني رسالة بعدها من الرجل كان ذنبك أنك وثقت بالشخص الخطأ، صديقتك التي باعتك، لم أستطيع من تصديق ذلك فذهبت وأخبرتها فتظاهرت بلبراءة ثم اعترفت نعم أنا الغبية كيف لي بأن أرسل لها صوري وأن أستأمنها على نفسي وكان سبب ذلك غيرتها مني لأن كنت أتفق مع كل المعلمين وكنت الأولى على دفعتي...
لم أعد إلى المنزل لشهور فلم يعد لي وجه لأقابل به أمي، وحاولت الانتحار ففي كل مرة كانت العملية لاتنجح وأنجو من ذلك، ما ذنبي أنا لأعيش كل هذا، الثقة، نيتي الطيبة، قلبي الصافي،...
وبعد أزمة اكتئاب حادة عدت للحياة شكليا لا غير فقلبي تركته في ذلك المكان المهجور. عدت أكثر نضجا، أكثرا حقدا، أكثر قساوة، إمرأة لن تعد تبالي بشيئ وكيف بعد فقدان أغلى شيئ.
أكملت دراستي من أجل والدايا وأصبحت أنا الأم الثانية لاخوتي فبعد كل هذا فقد فارقت أمي الحياة لأنها لم تستطيع تحمل قساوة الحياة وصدمة ما حدث، بعدها وجدت فرصة عمل وأعدت التسجيل في الجامعة في كلية الحقوق من أجل أن أكون قاضية ولن أسمح بضياع حق أي فتاة.
خلاصة الموضوع لا تثق في من حولك ابتعد عن العدو خطوة والصديق ألف خطوة.
نورالهدى علوان /الجزائر
تعليقات
إرسال تعليق