قصة قصيرة
🌟صهيل أنثى🌟
على رصيف الحياة... ها هي تستيقظ بهِمّة، لتكتب مجدًا يُخلَّد في الذاكرة، ترسم دربًا يليق بها وتخطو بثبات.. تحمل في جوفها الكثير من الأمل، تفتح كتابًا، تتأمل صفحاته وكأنها تقرأ فصولًا من قدرها، ثم ترفع عينيها نحو السماء... وتُقلِع الطائرة وتُحلّق معها كطيرٍ حر.
هي في سباقٍ زمني لا تعرف الخوف، تُغلّف قلبها بالإيمان، جادة، صارمة، مستعدّة للموت في كل لحظة، اختيرت لمهمةٍ شرفية، مرهونة بكرامتها وعزتها، لبّت النداء دون تردد وجهّزت نفسها لتحقيق الغاية، ودّعت وطنها الحبيب وعائلتها وهي تدرك أنها قد لا تراهم مجددًا.
منذ التحاقها بصفوف الجيش، انقلبت حياتها رأسًا على عقب، وتقلّدت رتبةً عسكرية تخوّلها لمجابهة الخارجين عن القانون والمجرمين...
اسمها فرح، لكنها رسبت في الحب، ودفنت مشاعرها بيديها، لتبقى فقط دقات قلبها تنبض بعشق الوطن، وتنتظر بقعة ضوء... تشعل أحلامها من جديد.
تسرح بخيالها نحو الجبال والتلال، حيث لا تزال الأرض شاهدة على بطولات شعبها.
هناك... وُلد الأحرار، وقفوا كشوكةٍ في حلق العدو، وإلى جانب الرجال... مشت النساء حتى الموت.
يتردّد في ذاكرتها... وقع الحوافر كنداء قديم، تشهد المعارك التي حرّرت الأرض وأرعبت الغاصب.
تُراودها مشاهد المجازر، رؤوس الشرفاء المقطوعة، والنفي القسري الذي طارد أجدادها.
تنتفض فرح، وتُقسم... ألا تهدأ حتى تُعيد رفات العظماء إلى أرضهم، وتُخلّد أسماءهم في دفاتر التاريخ.
تصل إلى المكان... كل شيء في هذه البلاد الموحشة يبدو غريبًا، الشوارع نكرة، والرائحة... لا تشبه عبق وردتها البيضاء، الحمراء، والخضراء.
بثقة، تخطو نحو الهدف، تُقدّم تحية إجلال تليق بمن سكنوا مجد الثورة، وكأن حرارة الكفاح ما زالت عالقة في عظامهم.
بعد إجراءاتٍ طويلة، استلمت الأمانة، ووراءها انمحت آثار الدخلاء.
عادت أدراجها، لتطأ أخيرًا تراب الوطن.
خرّت ساجدة، تحمد الله، وتهمس:
- الآن فقط… اكتملت مهمتي.
احتفى الجميع... بزفّة عرائس الجنة، على تراتيل النشيد الوطني.
فرح... أنصفها القدر، ارتسم على وجهها شعاعٌ من نور، وعلّقت نصرها كقلادةٍ ذهبية على صدر الوطن.
ابتسمت وهي تقول:
-أنتم بأمان هنا... الليلة... ستخلدون للنوم، في حضن الوطن الأم.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار…
تحيا الجزائر.
🪶بقلمي: لندة مرابطين
تعليقات
إرسال تعليق