بقلم الكاتبة الجزائرية د.حكيمة جعدوني "نينارايسكيلا"
"النظرة المحرمة، الفصل السادس"
،؛، ما هذا بحق الذات الالهية؟!
أ يحدث أن نشتاق للعدم؟! لرؤية الذلّ وتكريم الندم؟!
ما هي المضغة التي بداخلنا والمسؤولة عن ترقية جهودنا في الوقت الخطأ !! ،؛،
،؛، عجبًا كيف تصرّ النفس على تضييع ثروة الزمن في تقصّي آثار العفن وتحقيق التنمية البائدة !! ،؛،
تنثر خطواتها على صفحة العتمة، تقترب من التباعد الذي أصرّ على جعلها تهرول باندفاع وتتريّث بتنهيدات متقطّعة وهي تنزح نحو اليقين المجهول.
،؛، كانَت كُلّ الأدِلّة المُتماسِكَة التي وَضعتُها بين يديك لا شَيء أمامَ شَكِّكَ المبتور ،؛،
تنعدم ساحة فضولها بنيران التساؤلات والتحقيقات المتناوبة إلى أن صنعت إرثًا مُتَناجٍ للحقيقة، علّقَته تذكارًا على جدارية الوصول.
من شَقّ حقير نَبذَه الانتباه الأحقر أرسلت "المُنصِّتة" نظرات متوسّلة للقدر بأن لا يُجسِّد كابوس أفكار شاذّة؛ رافقت بدورها الأم إلى ضفّة العلقم، تنبعث من خلال الجناح أصداء خشنة، صوت أنفاس نتنة، نبذة عن سفاسف الأفعال، تخرج من حركات جهمية فتميز من ثغرة في النافذة، تنخر الهواء نخرًا بمنجل الجهالة، تحصد به نظرات "الواقفة" عن كثب؛ فتجمعها في كيس قذر مليء بقمامة تسلية مائعة، احتكاك بِزبالة وتحسّسٌ بِرذالة.
،؛، أعيدوا إليّ نظراتي التي التصقت بمغناطيس إهانتكم، أعيدوا إليّ مادة حياتي، لأعيش بعيدًا عن سوداوية وجودكم، أعيدوا إليّ ما أفسده غروركم، أعيدوا إليّ تلك الإيجابية وتلك الثقة وحبّ الشرف، العزّة والكرامة، هياا أعيدوا إليّ ما لا تستطيعون إعادته، ما لا تعرفون عنه شيئًا، ما لا تفهمون قيد أنملة في لغته وتقاليده وإرثه وأمجاده وعراقة أوتاده، هو وطن ومبادئ الحُرّ الأمين، النبيل الشامخ في أعالي اليقين والذي لم يسبق لكم رؤيته ولا زيارته ،؛،
جسد كأنّه ورقة الكرامة يكتب عليها قلم الشرّ كل تعاليمه الفادحة، تتلقّف البصر خاشعًا معنّفًا ببشاعة الصورة المتحركة، الذميمة الناسفة، مطرقة عذاب عملاقة تنزل على ما تبقى من أعصاب وعيها التي تطايرت في أزقّة إنقلابها، أحداث الخطيئة تدور في معركة بلا عدو، فوق مضجع عاقر فتنعكس على واجهة قلب يعتصر ألمًا ونُفوقًا، تجاوزت قراءة لافتة التحذير، المثبّتة على سياج هذه المخاطرة فاعتذرت اللحظات العسيرة عن تحمّلها، تجري جري الضعيف من وحوش الواقع على مضمار المطاردة، تستمع لذلك الأنين المتكسر فتترجمه إلى اصطكاك أنياب أشباح على أطرافها المُتسلِّخة، حلقات كالمِهماز تنخس جنبها وتقتلع عيونها فتطمس نورها طمسا.
،؛، يا لَيتَ المَوتُ اغتالني، قبلَ أن أشهَدهُ مَوتًا بَطيئًا يتسَكّعُ في مُقاومَتي لِلحَيَاة، وحتّى إن لَمْ يَجُد عليَّ المَوتُ بكرمِهِ أُفضِّلُ أن أعْمِيَ عُيونِي بِيَدي قبلَ أن تَخطِف بَصَري خَطايَا الأَحيَاء، لَن تُضِيرَنِي مَنيّة مُتكرّرة مُكرّمة بالشّرف مِثلما سَتُسمّمُني نجاةٌ داعِرة مُكلّلة بالتّرف ،؛،
ابتليت "المَنسيّة" بمصيبة أقْوى من القتل وأشدّ من ألم احتضاره، فتفتّقت أمراض حزنها تنتحب المشاعر، التي انتدبت جنون الاضطراب رسولا لحالتها، أقسى ما لحق بها من أنواع العذاب التي هجمت عليها دفعة واحدة، حتى فقدت قدرتها على متابعة الفاجعة الانتحارية التي ألمت بها، كما خسرت القدرة على التحكّم في إنقاذ بصرها من تلك اللفحات اللاحمة والتي تغذّت على جسدها كأنها نميمة كونية.
حرب دامية اندلعت بينها وبين جنود الهيستيريا المكتومة داخل تشنّجها، تنهال عليها سكاكين الموقف بضربات متتالية، تسيل من آثارها أسراب التخبّط، رعود كيميائية الخسف تصارع نبضات صدرها بصعقات مبرحة مدجّجة بالاهتزاز، أدركها السحق المبين ثم المبيد فعاد ليمتصّ ما تركه لها من قطرات حياة ضئيلة.
من ذلك الثقب الدقيق الذي شنق أنفاسها، قد فاضت عليها أهوال الفتنة فأغرقتها في قاع اللَّوْثَة والاضمحلال، ما تزال تتلقّى أَجْلاد السلخ والنحر، ترميها ألسن تماسِّهم الآسنة ثم قسرًا ترسم على هشاشتها، جبال تجاذبهم وتتهدّم عليها فتلفظ كمدا أنقاضها غبارًا من ندم وكُرَبا أطلالاً، تترعرع الصدمة في ملامحها فبرمجت نظاراتها على إستقطاب عبث كريه، مدرّ للدموع الهاطلة بغزارة، دون إلتفاتة من الأم التي تنسج من موضوع بُهْلَة الغرفة كفنًا لها، تنهض وتقع فوق بطحات قواها المنخرة فتتمنّى لو ينقرض وعيها، تراقب ضميرًا يرتدي جيفة ويصدر لها مواسم الغلبة، جاء وقت مراسيم تشييع صبرها وتقشير الصمود من حائط قبرها.
،؛، ما الذي يصدّ نضالك عن الظهور ؟! أمامك جسر متين فلِما تخف من التهلكة التي خلفك، تخاف من العبور !! ما الذي دهاك عن حقك، أ حق غيرك بمثابة شرور ؟! ،؛،
توغزها إبر البكاء الجامد فجفّت لتصدأ على خدّها، من يأس إلى يُبْس استفحل في سائر جسدها، انقض على حنجرتها فأنبت القحط في حلقها وزرع الشحوب في وجهها، لا دماء لا عزاء، انقبض قلبها و تصدّعت شراينه محدثة إنكماشًا حرجا، فتمدّدت لأقصى درجة أطلق على إثرها التمزيق آهات مخفية، لم تعد تستوعب كلمات استطردها الوجع بجانب الصداع المحاذي للمغص الذي تفنّنت في تلحينه أصداحًا حفّارة، تعثّرت حسرتها على أوتاد كسل مفاجئ، فسقط معها لجام روحها الذي تخلّى عنها وتبرّأ منها كل شيء، حتى الحزن غادرها فظلّت وحيدة بلا وجهة، وقفة مشاعر احتجاجية نظّمتها مظاهرة أسفها، تهتف بها لافتات البطش والقمع اللذان يتضاربان صوب أَوْبها، دُوارٌ .. حِصارٌ .. إندثارُ إعصارٍ على فُتاتِ هُدنة متتالية مصفوفة معلولة خصَمتها من ذاتها، تَصعد للأسفَل وتنزِل إلى قمّة العُمر، لقد شاخَت و شابت في لَحظَة، قَهَرَتهَـا، حطّمتها بدّدتها هذه اللّحظة، ومِن كلّ شيء جَرّدَتهَـا .
قضى المجرم حاجته بترخيص المقتضى عليها، شوّه سمعته في العالمين فذاع صيته خلف بوابة المقت . نهاية العرض، الفتاة مجرّدة من هدومها وملقاة على بطنها في السرير بعشوائية سببها رمية بعد استهلاك، وضع غطاءًا على الكتلة المنهكة.
،؛، في قبيلة النحيب، لا فرق بين الشروق والمغيب ،؛،
يرتدي قميصه وترتدي لعثمتها، فيقفل أزراره وتقفل على عويلها .
،؛، لا أريدُ أن أحتَفِظَ بِما التقطته ذاكِرتِي، زاهدَة أنا في الذِّكرى لِلحدّ الذي أطمعُ فِي النّسيان، هاتُوا لي بتابوتِ نِسيان لِأرقُد فِيه بإرثِ خَسارَتي وَزلّة عَيني، كَيف صَدّتني عَن غَضِّ الإيمَان !! هَذيانٌ مَا أمرّ بهِ هَذيان، لَن أصدّق ما رَأيتُه، أقُولُها بِتأذِّي وأكتُبها عَلى جَبهَة الزّمان، مَا رأيتُه كانَ لِسانٌ مِن جَحِيم التف عَلى كَينُونَتي وامتص الرّحمَة مِن كُلّ مَسَاماتِي، مَا صَادَفتُه أذابَ حَسَناتي فَشعَرتُ بِذنبٍ غَيرَ مَغفُور واختناق غَيرَ مَسبُوق، انتابني انفلات كُلّ العُقُول مِن رَكائِزها، دَاسَت عَليّ المَجازِف وأخَذتنِي المَجارِف وَصُوِّبَت نَحوي كُلّ المَقاذِف، أنَا فِي أمَسّ الحَاجَة لِأن أمسَحَ كُلّ هَذا العِقاب أوْ بحاجة لِتُجرى على رأسِي عَملِيّة جِراحِيّة تَستأصِل دِماغِي مِن شَخصِي، تُخفِي آثارَه عَنّي وَعَن نَعشِي، أرِيدُ أنْ أنسَى قَبلَ أن أفنَى مِن شِدّة مَآسِي وَعظَمَة نَسْفِي ،؛،
،؛، هذه رجاحة عقل، فصاحة لسان، قمة الذكاء، عبقرية من صنف الولاء، الدماغ قادر على مواساة صاحبه عند الشدائد والمصائب من خلال توظيفه للوهم كوسيلة تعاطف لحظية،؛،
وحتى لا يحصل مكروه للأم التي تكاد تنفجر فتتفتت وتنصهر في أرجاء الكون؛ بادر دماغها بمسح كل المشاهد الفاضحة التي دارت في الغرفة، فطمسها عنوة ليصوّر لها ابنتها على ذائقة مُجدية وقد تلاقت أنوار وظلال على قبرها الغافي تحت جذع خدعة بصرية هائلة .
،؛، فبَعضُ الأمُور يَجبُ أنْ يتِمّ مَنعُ بَقائِها و مسحها حَتّى مِنَ الذّاكِرَة ،؛،
تعليقات
إرسال تعليق