التخطي إلى المحتوى الرئيسي

نبض جزيرة إيراما ذات العماد || من رواية عجبتُ لفراغٍ . . كَان أقدسَ حضورٍ بِقَلْبِي!بقلم الكاتبة والأديبة د.حكيمة جعدوني "نينارايسكيلا"

|| نبض جزيرة إيراما ذات العماد || من رواية عجبتُ لفراغٍ . . كَان أقدسَ حضورٍ بِقَلْبِي!

بقلم الكاتبة والأديبة د.حكيمة جعدوني "نينارايسكيلا"

وددت أن تغوص في هذا الانسياب الشعوريّ والفكريّ الذي خطّه القلم! كأنّك تُقلّب صفحات الرواية بيدٍ واعية، وقلبٍ يخفق بإيقاع الحروف، وعقلٍ يسبح في فضاءات التأمّل. سأفتح نوافذَ الخيال على مصراعيه، ليتجلّى الأدب كفعلِ بعثٍ داخليّ، يُقيمُ مملكةً بين المفردةِ والرمز.

تستكين الروح، ثم تطفو، ثم تهوي، ثم تحلّق...
تغمض الجفون، وتُسحر بالبصيرة، وتُنتزع من اللحظة توقًا لدهرٍ لم يُخلق بعد...
فإن كانت إيراما جُزءًا من الجنة التي “لم يُخلق مثلها في البلاد”،
فكيف هي جنّة الخلود...؟!

إنها رواية تُرى... بعين القلب. تُقرأ وتُعاش الحكاية وتُقتلع المسافات بين الواقع والحلم، تُلمس بالحدس، وتُعاش بالتأمل.

إيراما، الجنة التي تلمسها الأرواح قبل أن تراها، كيف لا تُذهلنا جزيرة تُضيء أسماكُها الظلام، وتُغنّي رياحُها بلحن الناي، وتُزيّن جدرانُها قوس الرحمن؟! 

إنها ليست خيالٍ أدبي لجمالٍ مفقود، أو حنينٍ إلى الفردوس الذي وُلدنا به ولم نعرفه إلا في نبضات الذاكرة الأولى.  

أبطال الرواية:

"شيمير "العظيم صاحب كتاب الأمنيات.

"بيلابسيم" التي غرقت في البحر لتعود ملكةً، فاكتشفت أن التاج ثقيلٌ كالذنب.  

"إيلبرو" الذي صار قلبه مقبرةً لاثنتين، ولم يدرِ أيّ الحبّين كان وهماً، وأيّهما كان الكابوس. ظلال حبّ لم يشفِه الزمن.

"إتييادئو"، من غلبت الموت، لكنها لم تنجُ من الحياة...
••••

كانت تربة إيراما كطحين ناصع البياض  
إذا لامسه لفح الهواء تطاير بسرعة  
لذلك يضعونه في مستوى منخفض عن الأرض  
كصحن فخاري توضع فيه التربة الناعمة الزراعية  

وكانت الورود كبيرة جدا متسلقة  
ومن كل الأنواع والأشكال  
ذات رائحة طيبة وعذبة  

كان النسيم عليلا  
واختارت أن تمر معه من الدرج  
ليهبطوا إلى البساتين الفسيحة  

أدراج ملونة  
يلمع كل درج حسب لونه  
فمنها ما هو ذهبي  
والأبيض المتلألئ  
والأحمر الفاتح الممتزج بالوردي اللامع  
والأزرق مع اللون البنفسجي والأقحواني  
والأصفر مع البرتقالي  

كان الممر ضيقا  
لذلك تعمدت السقوط عليه  
والتمسك بثيابه وهي تبتسم  
وهو يبادلها نفس الابتسامة  

وصلوا الأرضية التي كانت تلين مع خطواتهم  
فجرت نحو حقول لا تتخيلها عين  

كانت الزهور الفواحة تملأ الجو برائحة هادية  
يكاد اللسان يستلذ بطيبها  

فالزهور الحمراء تكتسح مساحات كبيرة  
لا تحدها العين  
وبحوافي أراضيها جبل أحمر يتلألأ كالياقوت  

في حين أن هناك ورودا بنفسجية مخملية  
ويحد مساحتها جبل بنفسجي يبرق كالزمرد  

ومن الناحية الأخرى ورود صفراء  
بحوافها جبل أصفر يلمع كالشمس  

وكان هناك أيضا نوع من الورود  
التي تحمل كل وردة على حدة ألوانا متعددة  
كالأخضر والأزرق والأصفر والبني والوردي المحمر  
وأغصانها كريستالية رطبة  

بدأت النباتات ترقص احتفاء  
بقدوم أحد لزيارة المكان  
وكانت الموسيقى على شكل صوت الرياح  
ونغمات النسيم التي كالناي العذب  

والأسماك تخرج من الماء  
وتعود إليه بشكل صفوف موحدة  
بتلك الألوان الزاهية المضيئة  

أما ثمارهم فكانت دانية  
ولا في الأحلام توجد  
كانت حبات كبيرة جدا  
وتتدلى من أشجار ملونة باهية  
وكل شجرة بها أنواع مختلفة من الثمار  
التي لا تشبه ثمار الأرض بأكملها  

رائحتها سماوية ناعمة  
وقشرتها شفافة عذبة  
تظهر لب الحبة بأكمله  
ونظيفة ليس عليها غبار أو شوائب  

ناولته حبة حمراء كبيرة وإهليلجية  
فلما أمسكها كانت رخوة  
تكاد تنفجر في يده من شدة الطراوة  

كان مذاقها ساحرا  
يعبر بأكلها إلى ألف زمن من اللذة والطيب  

في حين أن نخيلهم منبثق  
يلامس الغيوم الملونة  
وثماره كشهد العسل  
إذا أذابته أشعة الشمس الدافئة  
يقطر عسلا ويصنع واديا صغيرا  
تشرب منه الفراشات ذات أحجام كبيرة  

لديها جناحان شفافان بألوان عدة  
كالأحمر الذي تتوسطه خطوط سوداء لامعة  
والأزرق الذي به دوائر بيضاء ناصعة  
والأصفر الذي عليه نجوم وردية  
والأخضر الفاتح الممتلئ بالنقط البرتقالية الفاتحة  

ولما أكلا جولتهما  
توجهت ناحية المنازل لتريه تصميمها الدقيق  

فكانت كصخرة من الألماس  
تنبت من لب جزيرة "إيراما"  
وتم نحتها كقطعة لا تتجزأ عن باقي القطع  

إن ألوان البنايات كقوس قزح  
لكنها ممتزجة فيما بينها  
لتعكس للناظر كل ألوان الكون  
في جدران مباني إيراما  

كانت لامعة تلمع كبريق النجوم  
صنعت الأغطية والأفرشة من القطن والحرير  
وعلى الشرفات ورود زاهية متسلقة برائحة ساحرة  

وكانت رائحة الخشب تأتي من العليات  
كعطر عتيق مبلل برذاذ المسك والعنبر  

كانت إيراما بأكملها قطعة من الجنة  
ورائحتها كفاكهة من الفردوس.

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حوار صحفي مع الكاتب محمد بالحياني مع مجلة إيلزا الأدبية للإناث

حوار مع الكاتب والأستاذ محمد بالحياني المقدمة: هناك كُتّاب لا يكتبون لمجرد الكتابة، بل يحاولون أن يتركوا أثرًا، أن يحركوا شيئًا في القارئ، أن يجعلوا الكلمات مرآة تعكس واقعًا أو خيالًا يحمل بصماتهم الخاصة. محمد بالحياني، أحد هؤلاء الذين اختاروا أن يكون الحرف سلاحهم، والرؤية عماد نصوصهم. في هذا الحوار، نقترب من تجربته، نغوص في أفكاره، ونكشف أسرار رحلته الأدبية. المعلومات الشخصية: الاسم: محمد بالحياني السن:27سنة البلد:الجزائر- البيض الموهبة:كاتب الحوار: س/ مرحبا بك محمد تشرفنا باستضافتك معنا اليوم بداية كيف تعرف نفسك لجمهورك ومن يتابعك دون ذكر اسمك؟  ج/في الغالب أكون متحدث سيئ عن نفسي، لكن يمكنني أن أختصر بالفعل وأقول محمد عبد الكريم بلحياني ، من ولاية البيض بالضبط بلدية المحرة ، عاشق للكتابة ورائحة الكتب ، اعمل اداري للصحة العمومية ،  انسان مهووس بتفاصيل التفاصيل ، عاشق للكتابة وما يحيط بها من حالات متناغمة من الوحدة، الجمال، والتناسق مع الطبيعة ، كان اول مؤلف لي بعنوان الخامسة صباحًا الذي شاركت به في المعرض الدولي للكتاب سيلا 23  وثاني عمل كان رواية بعنوان بروخيريا التي ش...

( الشيروبيم) بقلم الكاتبة مروة صالح السورية

( الشيروبيم) مقدمة: في مكانٍ ما على سطح وجهها النقي ارتفعت الأمواج وأغرقت جُزراً بنية تحدّها شطآن وردية هذه الجزر التي لا نبحر إليها بل تبحر بنا إلى عالم لا يعرف الحروب ولا الجراح يقال إن الملائكة لا تُرى لكن هنا... ترسل السماء نوراً يجعل الزمن يحني رأسه إجلالاً لهذه اللحظة الخالدة التي سنشاهد فيها الشيروبيم يتجلى على هيئة ابتسامة تطوي المسافة بين الغرق والنجاة وتحيي الأمل في قلب كل من يؤمن بالأساطير وبأن حياةً جديدة قد تولد بعد الغرق النص: حين تبتسم تعلو أمواج خديها فتُغرق جُزر عينيها البنيتين وتُحلّق الفلامينغو من شطآن جفنيها الورديتين تلك الجزر وشطآنها التي تنقذني كلما واجهت تيارات بحر الحياة فأمكث بها لاكتشاف أساطير حبٍ جديدة حين تبتسم وفي منتصف شفتها العلوية يبسط طائر النورس جناحيه فتتوازن خطواتي وتتلاشى انكساراتي حين تضحك تدندن ضحكاتها على أوتار عمري فتصدر سمفونية سلام تنهي حروبًا وتشفي جراحًا لا علاقة لها بها حين تضحك تنكشف ثماني لآلئ بيضاء تنثر النور في ظلمات أيامي ويولد الفجر من جديد إنها ليست مجرد حركة شفاه... إنها لحظة خلود تتوقف عندها كل الأزمنة ومن رحم هذا السكون تُولد أع...

ركلة جزاء.pdf

 عنوان الكتاب : ركلة جزاء  مجموعة مؤلفين  إشراف وتدقيق : بشرى دلهوم تصميم وتنسيق : بشرى دلهوم  الناشرة :مجلة إيلزا الأدبية للإناث سنة النشر : 21جانفي 2025 لتحميل الملف اضغط هنا  ركلة جزاء.pdf